تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

ثم قال متوعدا لهم ومتهددًا : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } .

قال سليمان بن مِهْرَان الأعمش ، عن أبي الضُّحَى مسلم بن صُبَيْح{[26170]} ، عن مسروق قال : دخلنا المسجد - يعني مسجد الكوفة - عند أبواب كندة ، فإذا رجل يقص على أصحابه : { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } تدرون ما ذلك الدخان ؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة ، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام . قال : فأتينا ابن مسعود فذكرنا ذلك له ، وكان مضطجعًا ففزع فقعد ، وقال{[26171]} إن الله عز وجل قال لنبيكم صلى الله عليه وسلم : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } [ ص : 86 ] ، إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم : " الله أعلم " سأحدثكم عن ذلك ، إن قريشا لما أبطأت عن الإسلام واستعصت{[26172]} على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، فأصابهم من الجهد والجوع حتى أكلوا العظام والميتة ، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان - وفي رواية : فجعل الرجل ينظر إلى السماء ، فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد - [ قال ] {[26173]} قال الله تعالى : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل : يا رسول الله استسق الله لمضر ، فإنها قد هلكت . فاستسقى لهم فَسُقُوا فأنزل الله : { إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ } قال : ابن مسعود : فيكشف العذاب عنهم يوم القيامة ، فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم ، فأنزل الله : { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } ، قال : يعني يوم بدر .

قال ابن مسعود : فقد مضى خمسة : الدخان ، والروم ، والقمر ، والبطشة ، واللِّزام . وهذا الحديث مخرج في الصحيحين . {[26174]} ورواه الإمام أحمد في مسنده ، وهو عند الترمذي والنسائي في تفسيرهما {[26175]} ، وعند ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق متعددة ، عن الأعمش ، به{[26176]} وقد وافق ابن مسعود على تفسير الآية بهذا ، وأن الدخان مضى ، جماعة من السلف كمجاهد ، وأبي العالية ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، وعطية العوفي ، وهو اختيار ابن جرير .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا ابن لَهِيعة ، حدثنا {[26177]} عبد الرحمن الأعرج في قوله : { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } قال : كان يوم فتح مكة .

وهذا القول غريب جدًا بل منكر .

وقال آخرون : لم يمض الدخان بعد ، بل هو من أمارات{[26178]} الساعة ، كما تقدم من حديث أبي سَرِيحة{[26179]} حذيفة بن أسيد الغفاري ، رضي الله عنه ، قال : أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : " لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج عيسى ابن مريم ، والدجال ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس- أو : تحشر الناس - : تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا " تفرد بإخراجه مسلم في صحيحه{[26180]} .

وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن الصياد : " إني خبأت لك خَبْأ " قال : هو الدُّخ . فقال له : " اخسأ فلن تعدو قدرك " قال : وخبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } {[26181]} .

وهذا فيه إشعار بأنه من المنتظر المرتقب ، وابن صياد كاشف على طريقة الكهان بلسان الجان ، وهم يُقَرطمون العبارة ؛ ولهذا قال : " هو الدُّخ " يعني : الدخان . فعندها عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم مادته وأنها شيطانية ، فقال له : " اخسأ فلن تعدو قدرك " .

ثم قال ابن جرير : وحدثني عصام بن رَوَّاد بن الجراح ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان بن سعيد الثوري ، حدثنا منصور بن المعتمر ، عن رِبْعِي بن حِرَاش قال : سمعت حذيفة بن اليمان يقول{[26182]} : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول الآيات الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم ، ونار تخرج من قعر عدن أبين ، تسوق الناس إلى المحشر ، تقيل معهم إذا قالوا ، والدخان - قال حذيفة : يا رسول الله ، وما الدخان ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } - يملأ ما بين المشرق والمغرب ، يمكث أربعين يومًا وليلة ، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة{[26183]} ، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران ، يخرج من منخريه وأذنيه ودبره " {[26184]} .

قال ابن جرير : لو صح هذا الحديث لكان فاصلا وإنما لم أشهد له بالصحة ؛ لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أنه سأل روادا عن هذا الحديث : هل سمعه من سفيان ؟ فقال له : لا قال : فقلت : أقرأته عليه ؟ قال : لا قال : فقلت له : فقرئ عليه وأنت حاضر فأقر به ؟ فقال : لا فقلت له : فمن أين جئت به ؟ فقال : جاءني به قوم فعرضوه علي ، وقالوا لي : اسمعه منا . فقرءوه عليَّ ثم ذهبوا به ، فحدثوا به عني ، أو كما قال {[26185]} .

وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث هاهنا ، فإنه موضوع بهذا السند ، وقد أكثر ابن جرير من سياقه في أماكن من هذا التفسير ، وفيه منكرات كثيرة جدًا ، ولا سيما في أول سورة " بني إسرائيل " في ذكر المسجد الأقصى ، والله أعلم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا خليل ، عن الحسن ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يهيج الدخان بالناس ، فأما المؤمن فيأخذه كالزكمة ، وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه " .

ورواه سعيد بن أبي عَرُوبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي سعيد الخدري موقوفًا . ورواه عوف ، عن الحسن قوله .

وقال ابن جرير أيضًا : حدثني محمد بن عوف ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضَمْضَم بن زُرعَة ، عن شُريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربكم أنذركم ثلاثا : الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه والثانية الدابة والثالثة الدجال " .

ورواه الطبراني عن هاشم بن يزيد ، عن محمد بن إسماعيل بن عياش ، به{[26186]} وهذا

إسناد جيد .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : لم تمض آية الدخان بعد ، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام ، وتنفخ الكافر حتى ينفذ .

وروى ابن جرير من حديث الوليد بن جميع ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن ابن عمر قال : يخرج الدخان فيأخذ المؤمن كهيئة الزكام ، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ ، أي : المشوي على الرَّضف .

ثم قال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن عُلَيَّة عن ابن جريج{[26187]} ، عن عبد الله بن أبي مليكة قال : غدوت على ابن عباس ، رضي الله عنهما ، ذات يوم فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت . قلت : لم ؟ قال : قالوا طلع الكوكب ذو الذنب ، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق ، فما نمت حتى أصبحت {[26188]} وهكذا رواه ابن أبي حاتم{[26189]} ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن سفيان ، عن عبد الله بن أبي يزيد ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن ابن عباس فذكره . وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن . وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين أجمعين ، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما ، التي أوردناها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة ، مع أنه ظاهر القرآن .

قال الله تعالى : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ } أي : بين واضح يراه كل أحد . وعلى ما فسر به ابن مسعود ، رضي الله عنه : إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد . وهكذا قوله : { يَغْشَى النَّاسَ }


[26170]:- (6) في ت: "روى البخاري ومسلم في صحيحيهما".
[26171]:- (1) في ت، م: "فقال".
[26172]:- (2) في أ: "واستصعبت".
[26173]:- (3) زيادة من أ.
[26174]:- (4) صحيح البخاري برقم (4820) وصحيح مسلم برقم (2798).
[26175]:- (5) في م: "تفسيريهما".
[26176]:- (6) المسند (1/380، 431) وسنن الترمذي برقم (3254) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11481) وتفسير الطبري (25/66)
[26177]:- (7) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن".
[26178]:- (8) في ت: "آيات".
[26179]:- (9) في ت: "أبي سريحة في".
[26180]:- (1) صحيح مسلم برقم (2901).
[26181]:- (2) صحيح البخاري برقم (3055) وصحيح مسلم برقم (2930) من حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما.
[26182]:- (3) في ت: "وروى ابن أبي حاتم عن حذيفة قال".
[26183]:- (4) في ت، م: "الزكام".
[26184]:- (5) تفسير الطبري (25/68) ومن طريقه رواه الثعلبي في تفسيره كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (1174) والبغوي في معالم التنزيل (7/230).
[26185]:- (6) تفسير الطبري (25/68).
[26186]:- (1) تفسير الطبري (25/68) والمعجم الكبير (3/292) وقول الحافظ ابن كثير هنا: "هذا إسناد جيد" متعقب فإن لهذه النسخة ثلاث علل: الأولى: محمد بن إسماعيل بن عياش قال أبو حاتم: "لم يسمع من أبيه شيئا، حملوه على أن يحدث فحدث".الثانية: ضمضم بن زرعة، ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن معين ومحمد بن إسماعيل بن عياش قال أبو داود: "لم يكن بذاك".الثالثة: شريح بن عبيد، قد كلم في سماعه من أبي مالك الأشعري قال أبو حاتم: "شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري مرسل".
[26187]:- (2) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بإسناده".
[26188]:- (3) تفسير الطبري (25/68).
[26189]:- (4) في ت: "ورواه ابن جرير هكذا"، وفي أ: "وهكذا رواه ابن جرير".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

واختلف الناس في الدخان الذي أمر الله تعالى بارتقابه ، فقالت فرقة منها علي بن أبي طالب وزيد بن علي وابن عمر وابن عباس والحسن بن أبي الحسن وأبو سعيد الخدري : هو دخان يجيء قبل يوم القيامة يصيب المؤمن منه مثل الزكام ، وينضج رؤوس الكافرين والمنافقين حتى تكون كأنها مصلية حنيذة{[10223]} . وقالت فرقة منها عبد الله بن مسعود وأبو العالية وإبراهيم النخعي : هو الدخان الذي رأته قريش حين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبع كسبع يوسف ، فكان الرجل يرى من الجدب والجوع دخاناً بينه وبين السماء ، وما يأتي من الآيات يقوي هذا التأويل . وقال ابن مسعود : خمس قد مضين ، الدخان واللزام والبطشة والقمر والروم وذكر الطبري حديثاً عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن أول آيات الساعة الدخان ، ونزول عيسى ابن مريم ، ونار تخرج من قعر عدن »{[10224]} وضعف الطبري سند هذا الحديث ، واختار قول ابن مسعود رضي الله عنه في الدخان قال : ويحتمل إن صح حديث حذيفة أن يكون قد مر دخان ويأتي دخان .


[10223]:المصلية: المشوية في النار، والحنيذ: المشوي الذي يسيل منه الدهن، وفي التنزيل العزيز:{فما لبث أن جاء بعجل حنيذ}.
[10224]:الحديث في تفسير الطبري، وقد رواه عصام بن رواد، عن أبيه، عن سفيان الثوري، ولفظه أطول مما ذكر ابن عطية هنا، وقد ذكر الطبري أنه لم يشهد للحديث بالصحة لأن روادا قال: إنه لم يسمعه من سفيان، ولم يقرأه عليه، ولم يقرأه أحد من الناس على سفيان بمسمع من رواد، وإنما حدثه به قوم وعرضوه عليه، ثم ذهبوا فحدثوا به عنده، ولهذا اختار الطبري قول ابن مسعود في الدخان، لكن القرطبي ذكر أن في صحيح مسلم عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال:(ما تذكرون)؟ قالوا: نذكر الساعة، قال:(إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات-فذكر- الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم)، ونلحظ أن حذيفة الذي ذكر الطبري هو حذيفة بن اليمان، وهو غير حذيفة بن أسيد المذكور هنا، وكذلك ذكر القرطبي رواية عن حذيفة-ولم يحدد من هو- وقال: إن الثعلبي خرج هذا الحديث أيضا عن حذيفة، ثم ذكر نص الحديث الذي ذكره ابن جرير الطبري وضعفه، ومن هذا نفهم أنه حذيفة بن اليمان. ومع ذلك فإن القرطبي يقوي رأي ابن مسعود لأنه قال: إن الله تعالى قد كشف الدخان عنهم، ولو كان يوم القيامة لم يكشفه عنهم، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه في صحيح البخاري، ومسلم، والترمذي، وهو ع مسروق، قال: قال عبد الله: إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصت على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل الله تعالى:{فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين، يغشى الناس هذا عذاب أليم}، قال: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله، استسق لمضر فإنها قد هلكت، قال:(لمُضر! إنك لجريء)، فاستسقى فسقوا، فنزلت{إنكم عائدون}، فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل:{يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}، قال: يعني يوم بدر، وقد قال الشوكاني في "فتح القدير": ولا منافاة بين كون الآية نازلة في الدخان الذي كان يتراءى لقريش من الجوع، وبين كون الدخان من آيات الساعة وعلامتها، فقد وردت أحاديث صحاح وحسان وضعاف في ذلك، وليس فيها أنه سبب نزول الآية.(راجع القرطبي، والطبري، والبخاري ومسلم، وفتح القدير).