بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

قوله تعالى : { فارتقب } يعني : فانتظر يا محمد { يَوْمَ تَأْتِي السماء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } يعني : الجدب والقحط قال القتبي : سمي الجدب والقحط . دخاناً ، وفيه قولان : أحدهما أن الجائع كأنه يرى بينه وبين السماء دخاناً من شدة الجوع ، والثاني : أنه سمي القحط دخاناً ، ليبس الأرض ، وانقطاع النبات ، وارتفاع الغبار ، فشبه بالدخان . وروى الأعمش ، عن مسلم بن صبيح ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود قال : «خمس مضين ، الدخان واللزام يعني : العذاب الأكبر ، والروم ، والبطشة ، والقمر » .

وروي عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : بينما رجل يحدث في المسجد ، فسئل عن قوله : { يَوْمَ تَأْتي السماء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } فقال : إذا كان يوم القيامة ، نزل دخان من السماء ، فأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ، وأخذ المؤمنون منه بمنزلة الزكام . قال مسروق : فدخلت على عبد الله فأخبرته ، وكان متكئاً ، فاستوى قاعداً . ثم أنشأ فقال : يا أيها الناس : من كان عنده علم فسئل عنه ، فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم ، فليقل الله أعلم . إن قريشاً حين كذبوه يعني : صلى الله عليه وسلم دعا عليهم فقال : " اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كسِنِّي يُوسُف عَلَيْهِ السَّلام " فأصابهم سنة ، وشدة الجوع ، حتى أكلوا الكلاب ، والجيف والعظام ، حتى كان يرى أحدهم كأن بينه وبين السماء دخاناً .

فذلك قوله : { فارتقب يَوْمَ تَأْتِي السماء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } يعني : انتظر بهلاكهم يوم تأتي السماء بدخان مبين .