فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

{ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين( 10 )يغشى الناس هذا عذاب أليم( 11 ) } .

قد يكون هذا وعيد بالقحط والجوع ؛ ومن اشتد به الجوع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان ، من ظلمة تغشى البصر الكليل إذا أطال النظر إلى شيء .

ويشهد لهذا الفهم ما رواه ابن مسعود وقد جاءه رجل فقال : إني تركت رجلا في المسجد يقول في هذه الآية { . . . يوم تأتي السماء بدخان مبين } يغشى الناس قبل يوم القيامة دخان ، فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ، ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام ؛ فغضب- وكان متكئا فجلس- ثم قال : من علم منكم علما فليقل به ، ومن لم يكن يعلم فليقل : الله تعالى أعلم ؛ فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : الله تعالى أعلم ؛ وسأحدثكم عن الدخان : إن قريشا لما استصعبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبطأوا عن الإسلام قال : ( اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) فأصابهم قحط حتى أكلوا العظام ، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع ، فأنزل الله تعالى : { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين . يغشى الناس هذا عذاب أليم } فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل : يا رسول الله استسق الله تعالى لمضر فاستسقى لهم عليه الصلاة والسلام ، فسقوا ، فأنزل الله تعالى : { إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون } الخبر أخرجه البخاري وأحمد وجماعة .

هذا وفي صحيح مسلم بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطلع النبي- صلى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر فقال : " ما تذكرون ؟ " قالوا : نذكر الساعة ، قال : " إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات – فذكر- الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ) .