إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

الفاءُ في قولِه تعالى { فارتقب } لترتيبِ الارتقابِ أو الأمرِ به على ما قبلَها فإنَّ كونَهُم في شكَ مما يُوجِبُ ذلكَ حَتْماً أي فانتظرُ لَهُم { يَوْمَ تَأْتِي السماء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } أي يومَ شدَّةٍ ومَجَاعةٍ فإنَّ الجائعَ يَرَى بينَهُ وبينَ السماءِ كهيئةِ الدُّخانِ إما لضعفِ بصرهِ أو لأنَّ في عامِ القحطِ يُظلمُ الهواءُ لقلةِ الأمطارِ وكثرةِ الغُبارِ أو لأنَّ العربَ تُسمِّي الشرَّ الغالبَ دُخاناً وذلكَ أنَّ قريشاً لمَّا استعصتْ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دعَا عليهم فقالَ : «اللهَّم اشدُدْ وطأتَكَ على مضرَ واجعلْها عليهم سنينَ كسِنِي يوسفَ »{[719]} فأخذتْهُم سَنةٌ حتى أكلُوا الجيفَ والعظامَ والعِلْهِزَ وكانَ الرجلُ يَرَى بينَ السماءِ والأرضِ الدُّخانَ وكان يحدثُ الرجلَ ويسمعُ كلامَهُ ولا يراهُ من الدخانِ وذلكَ قولُه تعالى : { يَغْشَى الناس } .


[719]:أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب (128)، وفي كتاب الاستسقاء باب (3)، وفي كتاب الجهاد باب (98)، وفي كتاب الأنبياء باب (19)، وفي كتاب التفسير سورة (3) باب (9) وسورة (4) باب (21)؛ كما أخرجه مسلم في كتاب المساجد حديث (294، 295)؛ وأبو داود في كتاب الوتر باب (10)، والنسائي في كتاب التطبيق باب (27)؛ وابن ماجه في كتاب الإقامة باب (145)؛ والدارمي في كتاب الصلاة باب (216)؛ وأحمد في المسند (2/239، 255، 270، 418، 470، 502، 521).