النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ} (10)

قوله عز وجل : { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تأتي السَّمَآءُ بِدُخَّانٍ مبِينٍ } في ارتقب وجهان :

أحدهما : معناه فانتظر يا محمد بهؤلاء يوم تأتي السماء بدخان مبين ، قاله قتادة .

الثاني : معناه فاحفظ يا محمد قولهم هذا لتشهد عليهم يوم تأتي السماء بدخان مبين ، ولذلك سمي الحافظ رقيباً ، قال الأعشى :

عليّ رقيب له حافظٌ *** فقل في امرئ غِلقٍ مرتهن{[2549]}

وفي قوله تعالى { يَوْمَ تَأتِي السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مبِينٍ } ثلاثة أقاويل :

أحدها : ما أصاب أهل مكة من شدة الجوع حتى صار بينهم وبين السماء كهيئة الدخان لما دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبطائهم عن الإيمان وقصدهم له بالأذى ، فقال : " اللَّهُم {[2550]}اكفِنِيهِم بِسَبْعٍ كَسَبْع يُوسُفَ " قاله ابن مسعود . قال أبو عبيدة والدخان الجدب . وقال ابن قتيبة : سمي دخاناً ليبس الأرض منه حتى يرتفع منها الدخان .

الثاني : أنه يوم فتح مكة لما حجبت السماء الغيوم ، قاله عبد الرحمن بن الأعرج .

الثالث : أنه دخان يهيج بالناس يوم القيامة يأخذ المؤمن منه{[2551]} كالزكمة ، وينفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع منه ، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً .


[2549]:المعنى خسر الرهان لأنه لم يستطيع إيفاء الدين.
[2550]:اللهم ساقطة من ك.
[2551]:منه ساقطة من ك.