تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ} (139)

يقول الله تعالى مرشدا نبيه صلوات الله وسلامه عليه{[2857]} إلى درء مجادلة المشركين : { قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ } أي : أتناظروننا في توحيد الله والإخلاص له والانقياد ، واتباع أوامره وترك زواجره { وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } المتصرف فينا وفيكم ، المستحق لإخلاص الإلهية له وحده لا شريك له ! { وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } أي : نحن برآء منكم ، وأنتم بُرَآء منا ، كما قال في الآية الأخرى : { وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } [ يونس : 41 ]وقال تعالى : { فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } [ آل عمران : 20 ]{[2858]} وقال تعالى إخباراً عن إبراهيم { وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ } [ الأنعام : 80 ] وقال { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ } الآية [ البقرة : 258 ] .

وقال في هذه الآية الكريمة : { [ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ]{[2859]} وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } أي : نحن{[2860]} برآء منكم كما أنتم برآء منا ، ونحن له مخلصون ، أي في العبادة والتوجه .


[2857]:في جـ: "صلى الله عليه وسلم".
[2858]:في جـ: "عن إبراهيم عليه السلام".
[2859]:زيادة من و.
[2860]:في جـ، ط: "أي ونحن".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ} (139)

{ قل أتحاجوننا } أتجادلوننا . { في الله } في شأنه واصطفائه نبيا من العرب دونكم ، روي أن أهل الكتاب قالوا : الأنبياء كلهم منا ، لو كنت نبيا لكنت منا . فنزلت : { وهو ربنا وربكم } لا اختصاص له بقوم دون قوم ، يصيب برحمته من يشاء من عباده . { ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم } فلا يبعد أن يكرمنا بأعمالنا ، كأنه ألزمهم على كل مذهب ينتحلونه إفحاما وتبكيتا ، فإن كرامة النبوة إما تفضل من الله على من يشاء والكل فيه سواء ، وإما إفاضة حق على المستعدين لها بالمواظبة على الطاعة والتحلي بالإخلاص . وكما أن لكم أعمالا ربما يعتبرها الله في إعطائها ، فلنا أيضا أعمال . { ونحن له مخلصون } موحدون نخصه بالإيمان والطاعة دونكم .