فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ} (139)

وقوله : { قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِى اللَّهِ } أي : أتجادلوننا في الله أي : في دينه ، والقرب منه ، والحظوة عنده ، وذلك كقولهم { نَحْنُ أَبْنَاء الله وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] وقرأ ابن محيصن : «أتحاجونا » بالإدغام لاجتماع المثلين . وقوله : { وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } أي : نشترك نحن ، وأنتم في ربوبيته لنا وعبوديتنا له ، فكيف تدّعون أنكم أولى به منا وتحاجوننا في ذلك . وقوله : { لَنَا أعمالنا وَلَكُمْ أعمالكم } أي : لنا أعمال ، ولكم أعمال ، فلستم بأولى بالله منا ، وهو مثل قوله تعالى : { فَقُل لي عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِئ ممَّا تَعْمَلُونَ } [ يونس : 41 ] . وقوله : { وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } أي : نحن أهل الإخلاص للعبادة دونكم ، وهو المعيار الذي يكون به التفاضل ، والخصلة التي يكون صاحبها أولى بالله سبحانه من غيره ، فكيف تدّعون لأنفسكم ما نحن أولى به منكم وأحق ؟ وفيه توبيخ لهم ، وقطع لما جاءوا به من المجادلة ، والمناظرة .

/خ141