فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ} (139)

{ أتحاجوننا } أتجادلوننا في الله وتدعون أنكم أولى به منا ؟

{ مخلصون } نبتغي بأقوالنا وأفعالنا وعباداتنا وسعينا وجهه سبحانه دون سواه .

{ قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم } الخطاب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أمر أن ينكر هؤلاء المعرضين عن الحق المجادلين بالباطل أن يبطل مدعاهم أنهم أولى بالله من المسلمين كما ادعى اليهود والنصارى أنه لا حظ لمن عداهم في الفوز بنعيم الآخرة وإلى هذا يشير قول المولى تقدست أسماؤه { لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم . . . }{[496]} قال الحسن : كانت المحاجة أن قالوا نحن أولى بالله منكم لأنا أبناء الله وأحباؤه . ا ه . فكان المعنى أتجادلوننا الحجة على دعواكم والرب واحد ؟ { ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم } كل مجزى بعمله – لنا جزاء أعمالنا الحسنة الموافقة لأمره ولكم جزاء أعمالكم السيئة المخالفة لحكمه{[497]} ؛ { ونحن له مخلصون } نحن لا نرجو بإيماننا وعملنا إلا رضوان الله ولا نبتغي بذلك أحدا سواه{[498]} . [ لا نشرك به شيئا ولا نعبد غيره أحدا كما عبد أهل الأوثان معه الأوثان وأصحاب العجل معه العجل وهذا من الله تعالى ذكره توبيخ لليهود واحتجاج لأهل الإيمان . . . قولوا أيها المؤمنون لليهود والنصارى الذين قالوا لكم : كونوا هودا أو نصارى تهتدوا ، أتحاجوننا في الله في دين الله الذي أمرنا أن ندينه به وربنا وربكم واحد عدل لا يجور وإنما يجازي العباد على ما اكتسبوا وتزعمون أنكم أولى بالله منا لقدم دينكم وكتابكم ونبيكم ونحن مخلصون له العبادة لم نشرك به شيئا وقد أشركتم في عبادتكم إياه فعبد بعضكم العجل وبعضكم المسيح وأنى تكونوا خيرا منا وأولى بالله منا ؟ ]{[499]} .


[496]:سورة البقرة من الآية 111.
[497]:ما بين العارضتين من روح المعاني.
[498]:خرج الدارقطني عن الضحاك بن قيس الفهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن الله تعالى يقول أنا خير شريك فمن أشرك معي شريكا فهو لشريكي يا أيها الناس اخلصوا أعمالكم لله تعالى فإن الله تعالى لا يقبل إلا ما خلص له ولا تقولوا هذه لله وللرحم فإنها للرحم وليس لله منها شيء ولا تقولوا هذا لله ولوجوهكم وليس لله تعالى منها شئ}.
[499]:ما بين العلامتين [ ] من جامع البيان.