الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ} (139)

{ قُلْ } يا محمّد لليهود والنصارى : { أَتُحَآجُّونَنَا } أتجادلوننا وتخاصمونا ، وقرأ الأعمش .

والحسن وابن محيصن : بنون واحدة مشدّدة .

وقرأ الباقون : بنونين خفيفتين إتباعاً للخط . { فِي اللَّهِ } في دين الله وذلك بأن قالوا : يا محمّد إنّ الأنبياء كانوا منّا وعلى ديننا . { وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } مقاتل والكلبي : لنّا ديننا ولكم دينكم . { وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } موحدون ، وهذه الآية منسوخة بآية السّيف .

فصل في معنى الإخلاص

سُئل الحسن عن الاخلاص ما هو ؟

فقال : سألت حُذيفة عن الإخلاص ما هو ؟

فقال : " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإخلاص ما هو ؟

قال : " سألت ربّ العزة عن الإخلاص ما هو ؟ " قال : " سرٌ من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادي " " .

وعن أبي أدريس الخولائي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ لكلّ حق حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من عمل الله " .

وقال سعيد بن جبير : الاخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله لله ولا يشرك به في دينه ولا يرائي بعمله أحداً .

محمّد بن عبد ربّه قال : سمعت الفضيل يقول : ترك العمل من أجل النّاس رياءً والعمل من أجل النّاس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما .

وقال يحيى بن معاذ : الإخلاص تميّز العمل من العيوب كتميّز اللبن من بين الفرث والدم . أبو الحسن البوشجي : هو ما لا يكتبه الملكان ولا يفسده الشيطان ولا يطّلع عليه الإنسان .

رؤيم : هو ارتفاع رؤيتك من الظّل . وقيل : ما يرى به الحق ويقصد به الصدق . وقيل : ما لا يشوبه الآفات ولا تتبعه رخص التأويلات .

وقيل : ما استتر من الخلائق واستصفى من العلائق .

حذيفة ( الاخلاص ) : هو أن تستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن .

أبو يعقوب المكفوف : أن يكتم حسناته كما يكتم سيئاته .

سهل بن عبد الله : ألاّ يُرائي .

عن أحمد بن أبي الجماري قال : سمعت أبا سليمان يقول : للمُرائي ثلاث علامات يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان في النّاس ، ويزيد في العمل إذا أُثني عليه .