تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ أُلۡقِيَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٞ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ} (53)

وهكذا كقوله : { فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ{[26078]} مِنْ ذَهَبٍ } أي : وهي ما يجعل في الأيدي من الحلي ، قاله ابن عباس وقتادة وغير واحد ، { أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } أي : يكتنفونه خدمة له ويشهدون بتصديقه ، نظر{[26079]} إلى الشكل الظاهر ، ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أظهر مما نظر إليه ، لو كان يعلم ؛ ولهذا قال تعالى : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ }


[26078]:- (5) في أ: "أسورة".
[26079]:- (6) في ت، أ: "نظرا".
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ أُلۡقِيَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٞ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ} (53)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم قال فرعون: {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب}: فهلا ألقى عليه ربه الذي أرسله {أسورة من ذهب} إن كان صادقا أنه رسول.

{أو جاء معه الملائكة مقترنين} يعني متعاونين يعينونه على أمره الذي بعث إليه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ" يقول: فهلا أُلقي على موسى إن كان صادقا أنه رسول ربّ العالمين أسورة من ذهب، وهو جمع سوار، وهو القُلْب الذي يجعل في اليد...

وقوله: "أوْ جاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ "يقول: أو هلا إن كان صادقا جاء معه الملائكة مقترنين قد اقترن بعضهم ببعض، فتتابَعُوا يشهدون له بأنه لله رسول إليهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة على تأويله، فقال بعضهم: يمشون معا...

وقال آخرون: متتابعين...

وقال آخرون: يقارن بعضهم بعضا.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فلولا أُلقي عليه أسوِرة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين} هذا القول منه يخرّج على وجهين:

أحدهما: إن كان موسى يدّعي المُلك في الدنيا، ويطلبه فهلا أُلقي عليه أساور من ذهب كما يُلقى على الملوك من الأساور والتاج وغير ذلك، وإن كان يدّعي الرسالة بنفسه، فهلاّ كان معه الملائكة مقترنين؟ ولا يزال الكفرة يطلبون من الرسل الآيات على وجه يتمنّونه ويشتهون.

فأخبر أن الآيات ليست تأتي على ما يتمنّون ويشتهون، ولكن على ما أراد الله تعالى.

والثاني: يجمع الأمرين جميعا فيقول: إنه يدّعي الرسالة، والرسول معظّم عند المُرسِل، فيقول: إن كان ما يقول حقا، فهلاّ أُلقي عليه الأساور تعظيما له؟ وهلاّ كان معه الملائكة مقترنين تعظيما له وإجلالا؟...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم قال: {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب} والمراد أن عادة القوم جرت بأنهم إذا جعلوا واحدا منهم رئيسا لهم سوروه بسوار من ذهب وطوقوه بطوق من ذهب، فطلب فرعون من موسى مثل هذه الحالة... وحاصل الكلام يرجع إلى حرف واحد، وهو أن فرعون كان يقول أنا أكثر مالا وجاها، فوجب أن أكون أفضل منه فيمتنع كونه رسولا من الله، لأن منصب النبوة يقتضي المخدومية، والأخس لا يكون مخدوما للأشرف، ثم المقدمة الفاسدة هي قوله من كان أكثر مالا وجاها فهو أفضل، وهي عين المقدمة التي تمسك بها كفار قريش في قولهم {لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم} ثم قال: {أو جاء معه الملائكة مقترنين} يجوز أن يكون المراد مقرنين به، من قولك قرنته به فاقترن وأن يكون من قولهم اقترنوا بمعنى تقارنوا، قال الزجاج معناه يمشون معه فيدلون على صحة نبوته.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان عند فرعون وعند من كان مثله مطموس البصيرة فاقد الفهم وقوفاً مع الوهم أن القرب من الملوك والغلبة على الأمور لا تكون إلا بكثرة الأعراض الدنيوية، والتحلي بحلي الملوك، سبب عن ادعائه لرسالته عن ملك الملوك اللازمة للقرب منه قوله: {فلولا} ولما كانت الكرامات والحبى والخلع تلقى على المكرم بها إلقاء، عبر به فقال: {ألقي} أي من أيّ ملق كان.

{عليه} من عند مرسله الذي يدعي أنه الملك بالحقيقة.

{أسورة} جمع أسورة -قاله الزجاج، وصرف لصيرورته على وزن المفرد نحو علانية وكراهية، والسوار: ما يوضع في المعصم من الحلية.

{من ذهب} ليكون ذلك أمارة على صدق صحة دعواه كما نفعل نحن عند إنعامنا على أحد من عبيدنا بالإرسال إلى ناحية من النواحي لمهم من المهمات.

{أو جاء معه} أي صحبته عندما أتى إلينا بهذا النبأ الجسيم والملم العظيم.

{الملائكة} أي هذا النوع، وأشار إلى كثرتهم بما بين من الحال بقوله: {مقترنين} أي يقارن بعضهم بعضاً بحيث يملأون الفضاء ويكونون في غاية القرب منه بحيث يكون مقارناً لهم ليجاب إلى هذا الأمر الذي جاء يطلبه، كما نفعل نحن إذا أرسلنا رسولاً إلى أمر يحتاج إلى دفاع وخصام ونزاع، فكان حاصل أمره كما ترى أنه تعزز بإجراء المياه، فأهلكه الله بها إيماء إلى أن من تعزز بشيء دون الله أهلكه الله به.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب؟.. هكذا. من ذلك العرض التافه الرخيص! أسورة من ذهب تصدق رسالة رسول! أسورة من ذهب تساوي أكثر من الآيات المعجزة التي أيد الله بها رسوله الكريم! أم لعله كان يقصد من إلقاء أسورة الذهب تتويجه بالملك...

(أو جاء معه الملائكة مقترنين).. وهو اعتراض آخر له بريق خادع كذلك من جانب آخر، تؤخذ به الجماهير، وترى أنه اعتراض وجيه! وهو اعتراض مكرور، ووجه به أكثر من رسول!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الإلقاء: الرمي وهو مستعمل هنا في الإنزال، أي هلاّ ألقي عليه من السماء أساورة من ذهب، أي سَوَّره الرّب بها ليجعله ملكاً على الأمة..

و {أو} للترديد، أي إن لم تُلْق عليه أسَاورة من ذهب فلتجىءْ معه طوائف من الملائكة شاهدين له بالرسالة.

ولم أقف على أنهم كانوا يثبتون وجود الملائكة بالمعنى المعروف عند أهل الدين الإلهي؛ فلعل فرعون ذكر الملائكة مجاراة لموسى؛ إذ لعله سمع منه أن لله ملائكة أو نحو ذلك في مقام الدعوة فأراد إفحامه بأن يأتي معه بالملائكة الذين يظهرون له.