السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَوۡلَآ أُلۡقِيَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٞ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ} (53)

ثم إن فرعون اللعين ظن أن القرب من الملوك والغلبة على الأمور لا تكون إلا بكثرة الإعراض الدنيوية والتحلي بحلي الملوك ولذا قال : { فلولا } أي : فهلا { ألقي عليه } عند مرسله الذي يدعي أنه الملك بالحقيقة { أساورة } وقرأ حفص بسكون السين ولا ألف بعدها كالأحمرة ، والباقون بفتح السين وألف بعدها فأسورة جمع سوار كحمار وأحمرة وهو جمع قلة وأساور جمع أسوار بمعنى سوار يقال : سوار المرأة وإسوارها والأصل : أساوير بالياء فعوض من حرف المد تاء التأنيث كزنديق وزنادقة وبطريق وبطارقة ، وقيل : بل هي جمع أسورة فهي جمع الجمع قاله الزجاج ، والسوار ما يوضع في المعصم من الحلية { من ذهب } ليكون ذلك أمارة له على صحة دعواه كما نفعل نحن عند إنعامنا على أحد من عبيدنا بالإرسال إلى ناحية من النواحي لمهم من المهمات ، إذ كان من عادتهم أنهم إذا جعلوا واحداً منهم رئيساً لهم سوروه بسوار من ذهب وطوقوه بطوق من ذهب فطلب فرعون من موسى عليه السلام مثل عادتهم { أو جاء معه } أي : صحبته عندما جاء إلينا بهذا النبأ الجسيم والملم العظيم { الملائكة } أي : هذا النوع وأشار إلى كثرتهم بما بين من الحال بقوله : { مقترنين } أي : يقارن بعضهم بعضاً بحيث يملؤون الفضاء ويكونون في غاية القرب منه بحيث يكون مقارناً لهم ليجاب إلى هذا الأمر الذي جاء يطلبه كما نفعل نحن إذا أرسلنا رسولاً إلى أمر يحتاج إلى دفاع وخصام ونزاع ، فكان حاصل أمره كما ترى أنه تعزز بإجراء المياه فأهلكه الله تعالى بها ، إيماء إلى أن من تعزز بشيء دون الله تعالى أهلكه الله به واستصغر موسى عليه السلام وعابه بالفقر والعي فسلطه الله تعالى عليه إشارة إلى أنه ما استصغر أحد شيئاً إلا غلبه ، أفاده القشيري .