اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلَوۡلَآ أُلۡقِيَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٞ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ} (53)

قوله تعالى : { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَساوِرَةٌ } قرأ حفص{[49960]} أَسْوِرَةٌ كأَحْمِرةٍ{[49961]} . والباقون أَسَاوِرَة ، فأسورة جمع «سِوَارٍ » كحِمَارٍ ، وأَحْمِرَةٍ ، وهو جمع قلة . وأَسَاوِرَةٌ جمع إِسْوَار بمعنى سُوار ، يقال : سوارُ المرأةِ ، وأَسْوَارُهَا . والأصل أَسَاوِير بالياء ، فعوض من حرف المد تاء التأنيث ، كبطريقِ وبَطَارِقَةٍ ، وزِنْدِيقٍ وزَنَادِقَةٍ{[49962]} .

وقيل : بل هي جمع أَسْوِرَة فهي جمع الجمع{[49963]} . وقر أبي والأعمش وتروى عن أبي عمرو أَسَاوِرُ دون تاء{[49964]} . وروي عن أبي أيضاً وعبد الله : أَسَاوِير{[49965]} . وقرأ الضحاك : أَلْقَى مبنياً للفاعل{[49966]} ، أي الله تعالى وَأَسَاوِرَةً نصباً على المفعولية و«مِنْ ذَهَبٍ » صفة لأساورة . ويجوز أن تكون «من » الداخلة على التمييز{[49967]} .

فصل

ومعنى الكلام أن عادتهم جرت بأنهم إذا جعلوا واحداً منهم رئيساً لهم سوّره بسوار من ذهب وطَوَّقُوه بطَوْق من ذهب ، فطلب فرعون من موسى عليه الصلاة والسلام مثل عادتهم ، وحاصل الكلام أن فرعون كان يقول : أنا أكثر منه مالاً وجاهاً فوجب أن أكون أفضل منه فيمتنع كونه رسولاً من عند الله لأن منصب النوبة يقتضي المَخْدُوميَّةَ ، والأخسَ لا يكون مخدوماً للأشرف ثم قال : { أَوْ جَآءَ مَعَهُ الملائكة مُقْتَرِنِينَ } متتابعين يعاون بعضهم بعضاً يشهدون له بصدقه ويُعِينُونَهُ على أمره ويجوز أن يكون المراد مقترنين به من قولك : قَرَنْتُهُ بِِهِ{[49968]} .


[49960]:عن عاصم وتروى عن أهل المدينة أيضا وعن يعقوب وهي من القراءات المتواترة انظر السبعة 587 ومعاني الفراء 3/35 والإتحاف 386.
[49961]:كذا في النسختين وفي الدر المصون كأخمرة بالخاء وخمار أيضا بالخاء المعجمة.
[49962]:الدر المصون 3/793 ومعاني القرآن 690، والكشاف 3/493.
[49963]:قال الفراء: وقد تكون الأساور جمع أسورة، كما يقال في جمع الأسقية أساقي وفي جمع الأكرع أكارع معاني الفراء 3/35.
[49964]:لم أجدها في المتواتر عن أبي عمرو انظر مختصر ابن خالويه 135 عن الأعمش فقط وعن المطوعي في الإتحاف 386.
[49965]:السابق وأيضا شواذ القرآن 218 والكشاف 3/943.
[49966]:السابق بدون نسبة ونسبها صاحب البحر 8/23.
[49967]:أي من البيانية وحينئذ يجوز في غير القرآن: أسورة ذهبا.
[49968]:انظر كل هذا في الرازي المرجع السابق 27/219.