قال ابن جرير : يعني بقوله{[2625]} جل ثناؤه : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } وليست اليهود - يا محمد - ولا النصارى براضية عنك أبدًا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق .
وقوله تعالى : { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } أي : قل يا محمد : إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى ، يعني : هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل .
قال قتادة في قوله : { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } قال : خصومة عَلَّمها الله محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، يخاصمون بها أهل الضلالة . قال قتادة : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله " .
قلت : هذا الحديث مُخَرَّج في الصحيح{[2626]} عن عبد الله بن عمرو{[2627]} .
{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ } فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعد ما عَلِموا من القرآن والسنة ، عياذًا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته .
[ وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله : { حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }
[ الكافرون : 6 ] ، فعلى هذا لا يتوارث المسلمون والكفار ، وكل منهم يرث قرينه سواء كان من أهل دينه أم لا ؛ لأنهم كلهم ملة واحدة ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في رواية عنه . وقال في الرواية الأخرى كقول مالك : إنه لا يتوارث أهل ملتين شتى ، كما جاء في الحديث ، والله أعلم ]{[2628]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.