الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (120)

قوله تعالى : { هُوَ الْهُدَى } : يجوزُ في " هو " أَنْ يكونَ فَصْلاً أو مبتدأً وما بعدَه خبرُه ، ولا يجوزُ أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ " هدى الله " لمجيئِه بصيغةِ الرفعِ ، وأجازَ أبو البقاء فيه أن يكونَ توكيداً لاسم إنَّ ، وهذا لا يجوزُ فإن المضمَر لا يؤكِّدُ المُظْهَرَ .

قوله : { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ } هذه تسمَّى اللامَ الموطِّئَةَ للقسم ، وعلامتُها أَنْ تقعَ قبلَ أدواتِ الشرطِ ، وأكثرُ مجيئِها مع " إنْ " وقد تأتي مع غيرِها نحو :

{ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ } [ آل عمران : 81 ] ، { لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } [ الأعراف : 18 ] وسيأتي بيانُه ، ولكنها مُؤذِنةٌ بالقسم اعتُبر سَبْقُها فَأُجيبَ القَسَمُ دونَ الشرطِ بقوله : { مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ } وحُذِفَ جوابُ الشرط . ولو أُجيب الشرطُ لَوَجَبَتِ الفاءُ ، وقد تُحْذَفُ هذه اللامُ ويُعْمَلُ بمقتضاها/ فيجابُ القَسَمُ نحو قوله تعالى : { وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ } [ المائدة : 73 ] . قوله : " من العِلْم " في محلِّ نصب على الحال من فاعل " جاءك " و " مِنْ " للتبعيض ، أي جاءَكَ حالَ كونِه بعضَ العلم .