تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (120)

120- ولن ترضى لك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير . تحذر هذه الآية الأمة المحمدية من اتباع اليهود والنصارى والتفريط في أمور دينهم .

ولقد حرص السلف الصالح على التمسك بدينهم فنالوا عز الدنيا وشرف الآخرة .

ثم دل حرص المسلمون لأعدائهم من اليهود والنصارى فزادوا في التشبيه بهم قيلا قليلا .

ثم كشفوا عن وجوههم فضربوا على المسلمين قوانين أوربا الوثنية المجرمة الملعونة ، ثم استباحوا أكثر المحرمات يصرحون بإباحتها من غير حياء ولا غيرة ، ثم صاروا ينبذون الشرائع الإسلامية والأخلاق الكريمة التي هدانا الله إليها ورسوله بالتقاليد والرجعية لينفروا الناس منها .

بل إن بعض الماجنات ينشرون في الصحف الدعوة السافرة إلى السفور ، فلئن لم يدفع المسلمون هذه المنكرات عن دينهم وبلادهم ، ليسلطن الله عليهم عدوهم وليستبدلن بهم قوما غيرهم . قال تعالى : وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم . ( 294 ) .

وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يبين لرسوله غاية أعدائه من اقتراح الآيات ، ويحذره منهم فقال ما معناه : إن اليهود والنصارى يقترحون الآيات تعجيزا لا طلبا للهداية ، فلو أتيتهم يا محمد بكل ما يسألون فلن يرضوا عنك ولن تنال رضاهم حتى تتبع دينهم الزائف المحرف .

قال ابن جرير الطبري : يعني جل ثناءه بقوله : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم .

وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعاءهم إلى ما بعثك الله به من الحق ، وقوله تعالى : قل إن هدى الله هو الهدى . يعني هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل : ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير . فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعدما علموا من القرآن والسنة ، عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول ، والأمر لأمته( 295 ) .