تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{يَوۡمَئِذٖ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُۥۖ وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسٗا} (108)

{ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ } أي : يوم يرون هذه الأحوال والأهوال ، يستجيبون مسارعين إلى الداعي ، حيثما أمروا بادروا إليه ، ولو كان هذا في الدنيا لكان أنفع لهم ، ولكن حيث{[19499]} لا ينفعهم ، كما قال تعالى : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } [ مريم : 38 ] ، وقال : { مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [ القمر : 8 ] .

قال محمد بن كعب القُرَظِي : يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة ، وتطوي{[19500]} السماء ، وتتناثر{[19501]} النجوم ، وتذهب{[19502]} الشمس والقمر ، وينادي مناد ، فيتبع الناس الصوت [ فيأتونه ]{[19503]} فذلك قوله : { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ } .

وقال قتادة : { لا عِوَجَ لَهُ } لا يميلون عنه .

وقال أبو صالح : { لا عِوَجَ لَهُ } لا عوج عنه .

وقوله : { وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ } : قال ابن عباس : سكنت : وكذا قال السدي .

{ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا } قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يعني : وطء الأقدام . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، وقتادة ، وابن زيد ، وغيرهم .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا } : الصوت الخفي . وهو رواية عن عكرمة ، والضحاك .

وقال سعيد بن جبير : { فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا } : الحديث ، وسره ، ووطء الأقدام . فقد جمع سعيد كلا القولين وهو محتمل ، أما وطء الأقدام فالمراد سعي الناس إلى المحشر ، وهو مشيهم في سكون وخضوع . وأما الكلام الخفي فقد يكون في حال دون حال ، فقد قال تعالى : { يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } [ هود : 105 ] .


[19499]:في ف: "حيث كان".
[19500]:في ف: "ويطوى".
[19501]:في ف: "ويتناثر".
[19502]:في ف: "ويذهب".
[19503]:زيادة من ف، أ.