في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{يَوۡمَئِذٖ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُۥۖ وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسٗا} (108)

99

وكأنما تسكن العاصفة بعد ذلك النسف والتسوية ؛ وتنصت الجموع المحشودة المحشورة ، وتخفت كل حركة وكل نأمة ، ويستمعون الداعي إلى الموقف فيتبعون توجيهه كالقطيع صامتين مستسلمين ، لا يتلفتون ولا يتخلفون - وقد كانوا يدعون إلى الهدى فيتخلفون ويعرضون - ويعبر عن استسلامهم بأنهم ( يتبعون الداعي لا عوج له )تنسيقا لمشهد القلوب والأجسام مع مشهد الجبال التي لا عوج فيها ولا نتوء !

ثم يخيم الصمت الرهيب والسكون الغامر : ( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ) . . ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) . .

وهكذا يخيم الجلال على الموقف كله ، وتغمر الساحة التي لا يحدها البصر رهبة وصمت وخشوع . فالكلام همس . والسؤال تخافت . والخشوع ضاف . والوجوه عانية . وجلال الحي القيوم يغمر النفوس بالجلال الرزين .