السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَوۡمَئِذٖ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُۥۖ وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسٗا} (108)

{ يومئذٍ } أي : يوم إذ نسفت الجبال { يتبعون } أي : الناس بعد القيام من القبور بغاية جهدهم { الداعي } أي : إلى المحشر ، وهو إسرافيل يضع الصور على فيه ويقف على صخرة بيت المقدس ويقول : أيتها العظام البالية ، والجلود الممزقة واللحوم المتفرقة هلموا إلى عرض الرحمن { لا عوج له } أي : الداعي في شيء من قصدهم إليه ؛ لأنه ليس في الأرض ما يحوجهم إلى التعويج ، ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء ، وقيل : لا عوج لدعائه ، وهو من المقلوب ، أي : لا عوج له عن دعاء الداعي لا يزيغون عنه يميناً ولا شمالاً ، ولا يقدرون عليه ، بل يتبعونه سراعاً { وخشعت الأصوات } أي : سكنت وذلت وتطامنت لخشوع أهلها { للرحمن } الذي عمت نعمه ، فيرجى كرمه ، وتخشى نقمه { فلا } أي : فتسبب عن خشوعها أنك لا { تسمع إلا همساً } أخفى ما يكون من الأصوات ، وقيل : أخفى شيء من أصوات الأقدام في نقلها إلى المحشر كصوت أخفاف الإبل في مشيها .