التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{يَوۡمَئِذٖ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُۥۖ وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسٗا} (108)

قوله : ( يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ) يوم القيامة يتبعون صوت المنادي وهو الملك العظيم إسرافيل ؛ إذ ينادي الخليقة إلى المحشر ( لا عوج له ) أي لا يزيغون عن ندائه بل يبادرون مسرعين إليه وجلين غير ناكصين ولا هاربين .

قوله : ( وخشعت الأصوات للرحمان فلا تسمع إلا همسا ) أي سكنت الأصوات حينئذ للرحمن لعظيم مهابته وجلاله ( فلا تسمع إلا همسا ) الهمس ، الصوت الخفي ، أو هو صوت وقع الأقدام بعضها على بعض إلى المحشر فلا يُسمع للناس نطق ولا كلام إلا الصوت الخفي الهامس . وذلك مما يغشاهم من أهوال الساعة وقوارعها الرهيبة .

إن هذه الكلمات الربانية بهذه الحروف الهامسة الندية وأنغامها النفاذة الحسان تثير في الخيال ظلالا من العجب والذهول والرهبة .

وهذه المزية القرآنية لا تتيسر ولا تتجلى بمثل هذا القدر في غير القرآن . إنها ألفاظ وحروف قرآنية تنشر في الذهن والخيال صورة جلية محسّة عما يقع من فظائع في يوم القيامة . وما يكاد المرء يقرأ هذه الكلمات والحروف حتى تراوده صورة البعث الهائل ، والحشر الحاشد ، والقيامة بمشاهدها المرعبة الجسام .