تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{مُسۡتَكۡبِرِينَ بِهِۦ سَٰمِرٗا تَهۡجُرُونَ} (67)

وقوله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ } : في تفسيره قولان ، أحدهما : أن مستكبرين حال منهم حين نكوصهم عن الحق وإبائهم إياه ، استكبارًا عليه واحتقارًا له ولأهله ، فعلى هذا الضمير في { بِهِ } فيه ثلاثة أقوال :

أحدهما{[20590]} : أنه الحرم بمكة ، ذموا لأنهم كانوا يسمرون بالهُجْر{[20591]} من الكلام .

والثاني : أنه{[20592]} ضمير القرآن ، كانوا يسمرون ويذكرون القرآن بالهجر من الكلام : " إنه سحر ، إنه شعر ، إنه كهانة " إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة .

والثالث : أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا يذكرونه في سمرهم بالأقوال الفاسدة ، ويضربون له الأمثال الباطلة ، من أنه شاعر ، أو كاهن ، أو ساحر ، أو كذاب ، أو مجنون . وكل ذلك باطل ، بل هو عبد الله ورسوله ، الذي أظهره الله عليهم ، وأخرجهم من{[20593]} الحرم صاغرين أذلاء .

وقيل : المراد بقوله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } أي : بالبيت ، يفتخرون به ويعتقدون أنهم{[20594]} أولياؤه ، وليسوا{[20595]} بهم ، كما قال النسائي في التفسير{[20596]} من سننه :

أخبرنا أحمد بن سليمان ، أخبرنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، أنه سمع سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس أنه قال : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ } ، فقال : مستكبرين بالبيت ، يقولون : نحن أهله ، { سَامِرًا } قال : يتكبرون [ ويسمرون فيه ، ولا ]{[20597]} يعمرونه ، ويهجرونه{[20598]} .

وقد أطنب ابن أبي حاتم هاهنا بما ذا{[20599]} حاصله .


[20590]:- في أ : "أحدها".
[20591]:- في أ : "الهجر".
[20592]:- في أ : "هو".
[20593]:- في أ : "إلى".
[20594]:- في أ : "وتعتقدون أنكم".
[20595]:- في ف : "وليسم" وفي أ : "ولستم".
[20596]:- في ف ، أ : "تفسيره".
[20597]:- زيادة من ف.
[20598]:- سنن النسائي الكبرى برقم (11351).
[20599]:- في أ : "هذا".