تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ} (71)

وقوله : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ{[20611]} وَمَنْ فِيهِنَّ } قال مجاهد ، وأبو صالح والسدي : الحق هو الله عز وجل ، والمراد : لو أجابهم الله إلى ما في أنفسهم من الهوى ، وشرع الأمور على وفق ذلك { لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ{[20612]} وَمَنْ فِيهِنَّ } أي : لفساد أهوائهم واختلافها ، كما أخبر عنهم في قولهم : { لَوْلا نزلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } ثم قال : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } [ الزخرف : 31 ، 32 ] وقال تعالى : { قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ وَكَانَ الإنْسَانُ قَتُورًا } [ الإسراء : 100 ] وقال : { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا } [ النساء : 53 ] ،

ففي هذا كله تبيين عجز العباد واختلاف آرائهم وأهوائهم ، وأنه تعالى هو الكامل في جميع صفاته وأقواله وأفعاله ، وشرعه وقدره ، وتدبيره لخلقه{[20613]} تعالى وتقدس ، فلا إله غيره ، ولا رب سواه .

ثم قال : { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ } يعني : القرآن ، { فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ } .


[20611]:- في ف : "الأرض والسموات".
[20612]:- في ف : "الأرض والسموات".
[20613]:- في ف : "بخلقه".