الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مُسۡتَكۡبِرِينَ بِهِۦ سَٰمِرٗا تَهۡجُرُونَ} (67)

ثم قال تعالى : { مستكبرين به }[ 67 ] .

أي : بالحرم قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو مالك{[47541]} .

قال أبو مالك وذلك لأمنهم الناس يتخطفون{[47542]} من حولهم .

وقيل : الهاء عائدة على الكتاب ، أي مستكبرين بالكتاب .

أي : يَحْدُثُ لكم بتلاوته عليكم استكبار .

وقوله : { سامرا تهجرون }[ 67 ] .

أي : تسمرون بالليل في الحرم{[47543]} .

يقال لجماعة يجتمعون للحديث ( سامر ) كما يقال ( باقر ) لجماعة البقر ، ( وجامل ) لجماعة الجمال .

وأكثر ما يستعمل ( سامرا ) للذين يسمرون بالليل ، وأصله من قولهم لا أكلمه السمر والقمر أي : الليل والنهار .

وقال الثوري{[47544]} : يقال لظل القمر ، السمر ، ومنه السمرة في اللون وقرأ أبو رجاء{[47545]} : سُمّاراً ، جعله جمع سامر .

قال ابن عباس وابن جبير{[47546]} : معناه : يسمرون بالليل{[47547]} حول الكعبة ، يقولون المنكر .

وقال الضحاك{[47548]} : يعني سمر الليل .

قال الطبري{[47549]} : إنما وحد ( سامر ){[47550]} ، وهو في موضع جمع ، لأنه وضع موضع الوقت ، ومعنى الكلام تهجرون ليلا ، فوضع السامر موضع الليل فوحد لذلك .

ومن قرأ{[47551]} : تُهجرون بالضم في التاء ، أخذه من أهجر يهجر ، إذا نطق بالفحش .

وقيل{[47552]} : الخنا ومعناه التجاوز ومنه قيل : ( الهاجرة ، لأنه وقت تجاوز الشمس من الشرق إلى الغرب{[47553]} .

وأما معناه ، فقال ابن عباس{[47554]} فيه : معناه ، تسمرون برسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون الهجر .

وقال عكرمة : تشركون .

وقال الحسن : تسبون النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال مجاهد{[47555]} : تقولون القول السيء{[47556]} في القرآن .

ومن قرأ بفتح التاء فهو من هجر المريض إذا هذى ، هذا قول الكسائي{[47557]} .

ويقال هجر المحموم ، إذا غلب على عقله ، فيكون معناه : إنكم{[47558]} كالهاذي في مرضه بما لا ينتفع به ، وكذلك أنتم تتكلمون في النبي عليه السلام بما لا يضره .

وقيل : معناه من هَجَرَهُ ، إذا لم يكلمه فمعناه على هذا : تهجرون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

وقد قال الحسن{[47559]} : تهجرون نبيي وكتابي .

وقال ابن عباس{[47560]} : معناه : تهجرون ذكر الله والحق .

وقال السدي : تهجرون البيت .

وقال ابن جبير{[47561]} : تسمرون بالليل وتخوضون في الباطل .

وقال أهل اللغة : يقال هجر وأهجر في كلامه ، إذا أفحش غير أن الأصمعي قال{[47562]} : هجر يهجر ، إذا هذى ، وأهجر إذا تكلم بالقبيح . ( ومستكبرين ) وقف عند أبي حاتم{[47563]} ثم تبتدئ : ( سامرا تهجرون ) أي في البيت .

وقيل : ( مستكبرون به ) الوقف .

وقيل : تهجرون التمام{[47564]} .


[47541]:انظر: جامع البيان 18/39، والدر المنثور 5/12.
[47542]:ز: يتحفظون. (تحريف).
[47543]:انظر: تفسير الغريب لابن قتيبة: 298.
[47544]:انظر: تفسير القرطبي 12/136.
[47545]:مختصر ابن خالويه: 100 والمحتسب 2/97.
[47546]:انظر: جامع البيان 18/39.
[47547]:ز: الليل.
[47548]:انظر: جامع البيان 18/40.
[47549]:انظر: جامع البيان 18/39.
[47550]:ز: سامرا.
[47551]:قال في الكشف 2/129: (قرأه نافع بضم التاء وكسر الجيم، وقرأ الباقون بفتح التاء وضم الجيم). وانظر: التيسير: 159.
[47552]:ز: وقال. والقول للضحاك في جامع البيان 18/41.
[47553]:ز: المشرق إلى المغرب.
[47554]:انظر: تفسير القرطبي 12/137.
[47555]:انظر: جامع البيان 18/40، والدر المنثور 5/12.
[47556]:ز: السوء.
[47557]:انظر: إعراب القرآن للنحاس 2/423.
[47558]:ز: إنه.
[47559]:انظر: جامع البيان 18/41، وزاد المسير 5/483، والدر المنثور 5/12.
[47560]:انظر: زاد المسير 5/483.
[47561]:انظر: جامع البيان 18/40.
[47562]:انظر: اللسان (هجر).
[47563]:انظر: القطع للنحاس: 503.
[47564]:ز: الشام.