تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مُسۡتَكۡبِرِينَ بِهِۦ سَٰمِرٗا تَهۡجُرُونَ} (67)

الآية 67 : وقوله تعالى : { مستكبرين به }قال عامة من أهل التأويل : قوله{ به }أي بالبيت ووجه هذا أنهم لما رأوا أنفسهم آمنين بمقامهم عند البيت وفي حرم الله ، وأهل سائر البقاع في خوف ظنوا أن ذلك لهم لفضل كرامتهم ومنزلتهم عند الله . فحملهم ذلك إلى الاستكبار على رسول الله ومن تابعه .

وقال بعضهم : { مستكبرين به } أي بالقرآن . وتأويله : أي استكبروا على الله ورسوله لما نزل القرآن . وإضافة الاستكبار إلى القرآن لأنهم بنزوله تكبروا على الله ، فأضاف استكبارهم إليه لأنه كان سبب تكبرهم . وهو كقوله{ وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون }{ وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وما هم كافرون }التوبة 124 و 125 ، أضاف زيادة رجسهم إلى السورة لما بها يزداد رجسهم ، وكانت سبب{[13466]} رجسهم ، وإن كانت لا تريد رجسا في الحقيقة .

وقوله تعالى : { سامرا تهجرون } قال الزجاج : السمر حديث{[13467]} بالليل .

وقوله تعالى : { تهجرون }قال قائلون : تهدون . وقال بعضهم : { تهجرون }القرآن أي كانوا لا يعملون به ، ولا يعبأون فهو الهجر .

وفيه لغة أخرى : تهجرون{[13468]} وهو/357-أ/ كلام الفحش والفساد .

وقوله : { سامرا تهجرون } ما ذكرنا من الحديث بالليل . { تهجرون }أي تهذون كما يهذي النائم والمريض الشديد المرض . قال وهجر يهجر من الهجر ، وهو الفحش ، وهجر يهجر إذا سار في الهاجرة ، وهي شدة الحر ،


[13466]:ساقطة من الأصل وم.
[13467]:في م :هو ظل القمر فيه كانوا يهجرون، والسمو.
[13468]:انظر معجم القراءات القرآنية ح4/218.