النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مُسۡتَكۡبِرِينَ بِهِۦ سَٰمِرٗا تَهۡجُرُونَ} (67)

{ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } أي بحرم الله ألاّ يظهر عليهم فيه أحد ، وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة .

ويحتمل وجهاً آخر : مستكبرين بمحمد أن يطيعوه ، وبالقرآن أن يقبلوه .

{ سَامِراً تَهْجُرونَ } سامر فاعل من السّمر . وفي السمر قولان :

أحدهما : أنه الحديث ليلاً ، قاله الكلبي . وقيل به : سمراً تهجرون .

والثاني : أنه ظل القمر ، حكاه ابن عيسى . والعرب تقول : حلف بالسمر والقمر أي بالظلمة والضياء ، لأنهم يسمرون في ظلمة الليل وضوء القمر . والعرب تقول أيضاً : لا أكلمه السمر والقمر ، أي الليل والنهار . وقال الزجاج : ومن السمر أخذت سمرة اللون . وفي { تَهْجُرُونَ } وجهان :

أحدهما : تهجرون الحق بالإِعراض عنه ، قاله ابن عباس .

والثاني : تهجرون في القول بالقبيح من الكلام ، قاله ابن جبير ومجاهد .

وقرأ نافع { تُهْجِرُونَ } بضم التاء وكسر الجيم ، وهو من هجر القول . وفي مخرج هذا الكلام قولان :

أحدهما : إنكار تسامرهم بالإِزراء على الحق مع ظهوره لهم .

الثاني : إنكاراً منهم حتى تسامروا في ليلهم ، والخوف أحق بهم .