لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَوۡ أَنَّ لِكُلِّ نَفۡسٖ ظَلَمَتۡ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لَٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۖ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (54)

{ ولو أن لكل نفس ظلمت } يعني أشركت { ما في الأرض } يعني من شيء { لافتدت به } يعني يوم القيامة . والافتداء : بمعنى البذل لما ينجو به من العذاب إلا أنه لا ينفعه الفداء ولا يقبل منه { وأسرّوا الندامة } يعني يوم القيامة ، وإنما جاء بلفظ الماضي والقيامة من الأمور المستقبلة ، لأن أحوال يوم القيامة لما كانت واجبة الوقوع ، جعل الله مستقبلها كالماضي والإسرار يكون بمعنى الإخفاء وبمعنى الإظهار فهو من الأضداد ، فلهذا اختلفوا في قوله : وأسروا الندامة . فقال أبو عبيدة : معناه وأظهروا الندامة لأن ذلك اليوم ليس يوم تصبر وتصنع . وقيل : معناه أخفوا ، يعني أخفى الرؤساء الندامة من الضعفاء والأتباع خوفاً من ملامتهم إياهم وتعبيرهم لهم { لما رأوا العذاب } يعني : حين عاينوا العذاب وأبصروه { وقضي بينهم بالقسط } يعني وحكم بينهم بالعدل قيل بين المؤمن والكافر وقيل : بين الرؤساء والأتباع . وقيل : بين الكفار لاحتمال أن بعضهم قد ظلم بعضاً فيؤخذ للمظلوم من الظالم وهو قوله سبحانه وتعالى : { وهم لا يظلمون } يعني في الحكم لهم وعليهم بأن يخفف من عذاب المظلوم ويشدد في عذاب الظالم .