غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ أَنَّ لِكُلِّ نَفۡسٖ ظَلَمَتۡ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لَٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۖ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (54)

42

ثم زاد في التأكيد بقوله : { ولو أن لكل نفس } الآية . وقد مر مثله في «آل عمران » و«المائدة » . وقوله : { ظلمت } صفة لنفس . أما قوله : { وأسروا الندامة } فقد قيل : الإسرار بمعنى الإظهار والهمزة للسلب أي أظهروا الندامة حينئذٍ لضعفهم وليس هناك تجلد . والمشهور أنه الإخفاء وسببه أنهم بهتوا حين عاينوا ما سلبهم قواهم فلم يطيقوا صراخاً ولا بكاء ، أو أخفوا الندامة من سفلتهم وأتباعهم حياء منهم وخوفاً من توبيخهم . وهذا التزوير في أول ما يرون العذاب ، أما عند إحاطة النار بهم فلا يبقى هذا التماسك ، أو أراد بالإخفاء الإخلاص لأن من أخلص في الدعاء أسره ، وفيه تهكم بهم وبإخلاصهم لأنهم أتوا بذلك في غير وقته { وقضى بينهم بالقسط } قيل : أي بين المؤمنين والكافرين . وقيل : بين الرؤساء والأتباع ، وقيل : بين الكفار بإنزال العقوبة عليهم . وقيل : بين الظالمين من الكفار والمظلومين منهم فيكون في ذلك القضاء تخفيف من عذاب بعضهم وتثقيل لعذاب بعضهم وإن اشترك كلهم في العذاب .