لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦۖ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرۡجِعۡ إِلَىٰ رَبِّكَ فَسۡـَٔلۡهُ مَا بَالُ ٱلنِّسۡوَةِ ٱلَّـٰتِي قَطَّعۡنَ أَيۡدِيَهُنَّۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيۡدِهِنَّ عَلِيمٞ} (50)

قوله عز وجل : { وقال الملك ائتوني به } وذلك أن الساقي لما رجع إلى الملك وأخبره بفتيا يوسف وما عبر برؤياه استحسنه الملك وعرف أن الذي قاله كائن لا محالة فقال ائتوني به حتى أبصر هذا الرجل الذي قد عبر رؤياي بهذه العبارة فرجع الساقي إلى يوسف وقال له أجب الملك فذلك قوله تعالى : { فلما جاءه الرسول } فأبى أن يخرج معه حتى تظهر براءته للملك ولا يراه بعين النقص { قال } يعني قال يوسف للرسول { ارجع إلى ربك } يعني إلى سيدك وهو الملك { فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } ولم يصرح بذكر امرأة العزيز أدباً واحتراماً لها ( ق ) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي » أخرجه الترمذي ، وزاد فيه «ثم قرأ فلما جاء الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن » هذا الحديث فيه بيان فضل يوسف عليه الصلاة والسلام وبيان قوة صبره وثباته والمراد بالداعي رسول الملك الذي جاءه من عنده فلم يخرج معه مبادراً إلى الراحة ومفارقة ما هو فيه من الضيق والسجن الطويل فلبث في السجن وأرسل الملك في كشف أمره الذي سجن بسبه لتظهر براءته عند الملك وغيره فأثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على يوسف عليه الصلاة والسلام وبين فضيلته وحسن صبره على المحنة والبلاء وقوله : { إن ربي بكيدهن عليم } يعني أن الله تعالى عالم بصنيعهن وما احتلن في هذه الواقعة من الحيل العظيمة فرجع الرسول من عند يوسف إلى الملك بهذه الرسالة .