إنما تأنى وتثبت في إجابة الملك ، وقدّم سؤال النسوة ليظهر براءة ساحته عما قرف به وسجن فيه ، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده ، ويجعلوه سلماً إلى حط منزلته لديه ، ولئلا يقولوا ما خلد في السجن سبع سنين إلا لأمر عظيم وجرم كبير حق به أن يسجن ويعذب ويستكف شرّه . وفيه دليل على أنّ الاجتهاد في نفي التهم واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها ، قال عليه [ الصلاة و ] السلام : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفنّ مواقف التهم " ومنه . " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمارّين به في معتكفه وعنده بعض نسائه - «هي فلانة » اتقاء للتهمة " ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره - والله يغفر له - حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجوني . ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال : ارجع إلى ربك . ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث ، لأسرعت الإجابة وبادرتهم الباب ولما ابتغيت العذر ، إن كان لحليماً ذا أناة " وإنما قال : سل الملك عن حال النسوة ولم يقل سله أن يفتش عن شأنهن ، لأنّ السؤال مما يهيج الإنسان ويحركه للبحث عما سئل عنه ، فأراد أن يورد عليه السؤال ليجدّ في التفتيش عن حقيقة القصة وفصّ الحديث حتى يتبين له براءته بياناً مكشوفاً يتميز فيه الحق من الباطل . وقرىء : «النُسوة » بضم النون ومن كرمه وحسن أدبه : أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب ، واقتصر على ذكر المقطعات أيديهنّ { إِنَّ رَبّى } إنّ الله تعالى : { بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } أراد أنه كيد عظيم لا يعلمه إلا الله ، لبعد غوره . أو استشهد بعلم الله على أنهنّ كدنه ، وأنه بريء مما قرف به ، أو أراد الوعيد لهنّ ، أي : هو عليم بكيدهنّ فمجازيهنّ عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.