{ وما أبرئ نفسي } من قول من ؟ على قولين أيضاً :
أحدهما : أنه من قول المرأة . وهذا التفسير على قول من قال : إن قوله ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب من قول المرأة . فعلى هذا يكون المعنى : وما أبريء نفس من مراودتي يوسف عن نفسه وكذبي عليه .
والقول الثاني : وهو الأصح وعليه أكثر المفسرين : أنه من قول يوسف عليه الصلاة والسلام . وذلك أنه لما قال ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل : ولا حين هممت بها ؟ فقال يوسف عند ذلك : وما أبرئ نفسي . وهذه رواية عن ابن عباس أيضاً وهو قول الأكثرين . وقال الحسن : إن يوسف لما قال : ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب خاف أن يكون قد زكى نفسه فقال : وما أبرئ نفسي ، لأن الله تعالى قال فلا تزكوا أنفسكم ، ففي قوله وما أبرئ نفسي هضم للنفس وانكسار وتواضع لله عز وجل ، فإن رؤية النفس في مقام العصمة والتزكية ذنب عظيم ، فأراد إزالة ذلك عن نفسه ، فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين . { إن النفس لأمارة بالسوء } والسوء لفظ جامع لكل ما يهم الإنسان من الأمور الدنيوية والأخروية والسيئة الفعلة القبيحة .
واختلفوا في النفس الأمارة بالسوء ما هي ؟ فالذي عليه أكثر المحققين من المتكلمين وغيرهم أن النفس الإنسانية واحدة ولها صفات : منها الأمارة بالسوء ، ومنها اللوامة ، ومنها المطمئنة ، فهذه الثلاث المراتب هي صفات لنفس واحدة فإذا دعت النفس إلى شهواها مالت إليها فهي النفس الأمارة بالسوء ، فإذا فعلتها أتت النفس اللوامة فلامتها على ذلك الفعل القبيح من ارتكاب الشهوات ويحصل عند ذلك الندامة على ذلك الفعل القبيح وهذا من صفات النفس المطمئنة ، وقيل : إن النفس أمارة بالسوء بطبعها فإذا تزكت وصفت من أخلاقها الذميمة صارت مطمئنة .
وقوله { إلا ما رحم ربي } قال ابن عباس : معناه إلا من عصم ربي ، فتكون ما بمعنى من ، فهو كقوله { ما طاب لكم من النساء } يعني من طاب لكم وقيل هذا استثناء منقطع معناه لكم من رحم ربي فعصمه من متابعة النفس الأمارة بالسوء { إن ربي غفور } يعني غفور لذوب عباده { رحيم } بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.