ولما رجع الشرابي إلى الملك وعرض عليه التعبير استحسنه وقال : { ائتوني به } فجعل الله سبحانه علمه مبدأ لخلاصه من المحنة الدنيوية فيعلم منه أن العلم سبب للخلاص من المحن الأخروية أيضاً . { فلما جاءه الرسول } وهو الشرابي فقال : أجب الملك { قال } يوسف { ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } ما شأنهن وما حالهن { إن ربي } أي الله العالم بخفيات الأمور أو العزيز الذي رباه { بكيدهن عليم } وعلى الأول أراد إنه كيد عظيم لا يعلمه إلا الله لعبد غوره ، أو استشهد بعلم الله على أنهن كذبة ، أو أراد الوعيد أي هو عليم بكيدهن فيجازيهن عليه . وكيدهن ترغيبهن إياه في مواقعة سيدته أو تقبيح صورته عند العزيز حتى يرضى بسجنه . ومن لطائف الآية أنه أراد فسأل الملك أن يسأل ما بالهن إلا أنه راعى الأدب فاقتصر على سؤال الملك عن كيفية الواقعة فإن ذلك مما يهيجه على البحث والتفتيش . ومنها أنه لم يذكر سيدته بسوء بل ذكر النسوة على التعميم ومع ذلك راعى جانبهن أيضاً فوصفهن بتقطيع الأيدي فقط لا بالترغيب في الخيانة . عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجوني . ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال ارجع إلى ربك ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعت الإجابة وبادرتهم الباب ولما ابتغيت العذر إن كان لحليماً ذا أناة " قال العلماء : الذي عمله يوسف هو اللائق بالحزم والعقل ، لأنه لو خرج في الحال فربما بقي في قلب الملك من تلك التهمة أثر ، ولعل الحساد يتسلقون بذلك إلى تقبيح أمره عنده ، وفي هذا التأني والتثبت تلاف لما صدر منه في قوله للشرابي : { اذكرني عند ربك } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.