لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَيَآ أَهۡلَ قَرۡيَةٍ ٱسۡتَطۡعَمَآ أَهۡلَهَا فَأَبَوۡاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارٗا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُۥۖ قَالَ لَوۡ شِئۡتَ لَتَّخَذۡتَ عَلَيۡهِ أَجۡرٗا} (77)

قوله سبحانه وتعالى { فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية } قال ابن عباس : يعني أنطاكية وقيل الأيلة وهي أبعد الأرض من السماء وقيل هي بلدة بالأندلس { استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما } قال أبي بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم « أتيا أهل قرية لئاماً فطافا في المجلس فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما » . وروي أنهما طافا في القرية فاستطعماهم فلم يطعموهما واستضافاهم فلم يضيفوهما . وعن أبي هريرة قال : أطعمتهما امرأة من أهل بربر بعد أن طلبا من الرجال فلم يطعموهما فدعا لنسائهم ولعن رجالهم . وعن قتادة قال : شر القرى التي لا تضيف الضيف { فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض } أي يسقط وهذا من مجاز الكلام لأن الجدار لا إرادة له ، وإنما معناه قرب ودنا من السقوط كما تقول داري تنظر إلى دار فلان إذا كانت تقابلها ، فاستعير لها النظر كما أستعير للجدار الإرادة . { فأقامه } أي سواه ، وفي حديث أبي بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم « فقال الخضر بيده هكذا فأقامه » وقال ابن عباس : هدمه وقعد يبنيه . { قال } يعني موسى { لو شئت لاتخذت عليه أجراً } يعني على إصلاح الجدار جعلاً والمعنى أنك قد علمت أنا جياع ، وأن أهل القرية لم يطعمونا فلو اتخذت على عملك أجراً .