لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (193)

{ وقاتلوهم } أي وقاتلوا المشركين { حتى لا تكون فتنة } أي شرك ، والمعنى وقاتلوهم حتى يسلموا . ولا يقبل من الوثني إلاّ الإسلام أوالقتل ، بخلاف الكتابي . والفرق بينهما أن أهل الكتاب معهم كتب منزلة فيها شرائع وأحكام يرجعون إليها وإن كانوا قد حرفوا وبدلوا فأمهلهم الله تعالى بحرمة تلك الكتب من القتل وأمر بإصغارهم وأخذ الجزية منهم لينظروا في كتبهم ويتدبروها فيقفوا على الحق منها فيتبعوه كفعل مؤمني أهل الكتاب الذين عرفوا الحق فأسلموا ، وأما عبدة الأصنام فلم يكن لهم كتاب يرجعون إليه ويرشدهم إلى الحق ، فكان إمهالهم زيادة في شركهم وكفرهم ، فأبى الله عز وجل أن يرضى منهم إلاّ بالإسلام أو القتل { ويكون الدين لله } أي الطاعة والعبادة لله وحده فلا يعبد من دونه شيء { فإن انتهوا } يعني عن القتال ، وقيل عن الشرك والكفر { فلا عدوان } أي فلا سبيل { إلاّ على الظالمين } قاله ابن عباس ؛ فعلى القول الأول تكون الآية منسوخة بآية السيف ، وعلى القول الآخر الآية محكمة . وقيل : معناه فلا تظلموا إلاّ الظالمين ، سمي جزاء الظالمين ظلماً على سبيل المشاكلة ، وسمي الكافر ظالماً لوضعه العبادة في غير موضعها .