محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (193)

/ { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين 193 } .

{ وقاتلوهم } أي : هؤلاء الذين نسبناهم إلى قتالكم وإخراجكم وفتنكم { حتى لا تكون } أي : لا توجد في الحرم { فتنة } أي تقوٍّ بسببه يفتنون الناس عن دينهم ، ويمنعونهم من إظهاره والدعوة إليه { ويكون الدين لله } خالصا أي : لا يعبد دونه شيء في الحرم . ولا يخشى فيه غيره ، فلا يفتن أحد في دينه . ولا يؤذى لأجله .

وفي ( الصحيحين ) {[1130]} عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة . فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله ) .

{ فإن انتهوا } عن قتالكم في الحرم { فلا عدوان } فلا سبيل لكم بالقتل { إلا على الظالمين } المبتدئين بالقتل .

وروى البخاري في ( صحيحه ) {[1131]} عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا : إن الناس قد ضُيِّعوا ، وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، فما يمنعك أن تخرج ؟ فقال : يمنعني أن الله حرم دم أخي . . ! قالا : ألم يقل الله { وقاتلوهم / حتى لا تكون فتنة } ؟ فقال : قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله ) .

ثم ساق البخاري رواية أخرى وفيها : قال ابن عمر : ( فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما يعذبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة ) .


[1130]:أخرجه البخاري في: 2 – كتاب الإيمان، 17 – باب {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم}، حديث 24. ومسلم في: 1 – كتاب الإيمان، حديث 36 (طبعتنا).
[1131]:أخرجه البخاري في: 65 – كتاب التفسير، 2 – سورة البقرة، 30 – باب {وقاتلوهم حتى لا تكون فتة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين}.