نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (193)

ولما كان المراد بما مضى من {[8268]}قتالهم كف{[8269]} أذاهم بأي فعل كان حققه{[8270]} بقوله : { وقاتلوهم } أي هؤلاء الذين نسبناهم{[8271]} إلى قتالكم وإخراجكم وفتنتكم{[8272]} أعم من أن يكونوا كفاراً أو{[8273]} لا { حتى لا تكون فتنة } أي توجد فتنة بأن لا يقدروا أن يؤذوا{[8274]} أحداً من{[8275]} أهل الإسلام ليردوه عن دينه أو يخرجوه من داره أو يخلعوه{[8276]} من ماله أو يغلبوه على حقه ، فقتال كل من وقع منه ذلك كفراً أو بغياً في سبيل الله حتى يفيء{[8277]} إلى أمر الله { ويكون الدين } {[8278]}أي الطاعة والعبادة . ولما كان هذا في أوائل ما بعد الهجرة قبل أن يروا من نصر الله لهم ما يقوي عزائمهم أعراه{[8279]} من التأكيد فقال : { لله } أي {[8280]}الذي لا كفوء له{[8281]} خاصاً به بأن يكون أمر المسلمين ظاهراً{[8282]} ، {[8283]}ليس للشيطان فيه نصيب{[8284]} ، لا{[8285]} يقدر أحد من أهل الكفر ولا أهل البغي على التظاهر بأذى{[8286]} أحد منهم ، {[8287]}وذلك بأن لا يبقى مشرك أصلاً ولا يبقى كتابي إلا ألزم{[8288]} الصغار بالجزية ، والحكمة في إبقائهم دون المشركين أن لهم كتباً أمهلوا{[8289]} لحرمتها ولينظروا{[8290]} فيها فيقفوا على الحق منها فإنها وإن كانت قد وقع فيها التحريف قد بقي فيها ما يهدي الموفق{[8291]} لأنها لم يعمها التحريف ، وأما أهل الأوثان فليس لهم ما يرشدهم إلى الحق فكان إمهالهم زيادة في شركهم مقطوعاً بها من غير فائدة تنتظر . قال الحرالي : ففي{[8292]} طيه إشعار بما{[8293]} وقع وهو واقع وسيقع من قتال طائفة الحق لطائفة البغي سائر اليوم المحمدي بما تخلص من الفتنة ويخلص{[8294]} الدين لله توحيداً {[8295]}ورضى وثباتاً{[8296]} على حال السلف الصالح وزمان الخلافة والنبوة - انتهى . { فإن انتهوا } أي كلفوا أنفسهم الرجوع عما استوجبوا به القتال فقد تركوا الظلم ، والنهي قال الحرالي الحكم المانع من الفعل المترامي{[8297]} إليه بمنزلة أثر{[8298]} العقل المسمى نُهى لمنعه عما تهوي{[8299]} إليه النفس مما يستبصر فيه النهى ، قال عليه الصلاة والسلام : " ليليني منكم{[8300]} أولو الأحلام والنهى " فمن لم يكن من أهل النهى كان نهاه{[8301]} النهى وهو الحكم المذكور - انتهى . { فلا عدوان } {[8302]}أي فلا سبيل{[8303]} يقع فيه العدو الشديد{[8304]} للقتال عليهم ، فإنه لا عدوان { إلا على الظالمين * } قال الحرالي : فذكر الظلم الشامل لوجوه إيقاع{[8305]} الأمر في غير موضعه من أعلى الدين إلى أدناه - انتهى . ويجوز أن يكون{[8306]} التقدير : فإن انتهوا عن الشرك فقد انتفى عنهم اسم الظلم فلا تعتدوا عليهم ، فإن اعتديتم عليهم {[8307]}سلطناً عليكم{[8308]} لظلمكم لهم من يعتدي عليكم ، فإنه لا عدوان إلا على الظالمين الذين دخلتم في مسماهم وخرجوا من مسماهم بالانتهاء ، فلا عدوان إلاّ عليكم لا عليهم ، {[8309]}ومعنى العدوان القتال بغاية العدو والشدة والعزم{[8310]} .


[8268]:في ظ: قالهم.
[8269]:في ظ: قالهم.
[8270]:في الأصل: حقيقة والتصحيح من م وظ.
[8271]:من م وظ، وفي الأصل: سبيناهم.
[8272]:في م وظ: فتنكم.
[8273]:من م وظ، وفي الأصل: و.
[8274]:من م وظ، وفي الأصل: يودوا.
[8275]:من م وظ، وفي الأصل: منكم.
[8276]:من م وظ وفي الأصل: يجعلوه.
[8277]:من م وظ وفي الأصل: تفئ.
[8278]:العبارة من هنا إلى "فقال" ليست في ظ.
[8279]:قيل وجاء في الأنفال "ويكون الدين كله لله" ولم يجئ هنا كلمة لأن آية الأنفال في الكفار عموما وهنا في مشركي كفار مكة فناسب هناك التعميم ولم يحتج هنا إليه – البحر المحيط 2 / 68.
[8280]:ليست في ظ.
[8281]:ليست في ظ.
[8282]:من م وظ، وفي الأصل: ظاهر.
[8283]:ليست في ظ.
[8284]:ليست في ظ.
[8285]:في م: فلا.
[8286]:في الأصل: بادني والتصحيح من م، وفي ظ: يادى – كذا.
[8287]:العبارة من هنا إلى "فائدة تنتظر" ليست في ظ.
[8288]:من م، وفي الأصل وظ: ذلتهم.
[8289]:في الأصل: امتثلوا والتصحيح من م.
[8290]:في الأصل: ولينتظروا والتصحيح من م.
[8291]:من م، وفي الأصل: الموقف.
[8292]:في الأصل: ففيه، والتصحيح من م وظ.
[8293]:في الأصل: مما والتصحيح من م وظ.
[8294]:في ظ: تخلص.
[8295]:إلى هنا انتهت العبارة المطموسة من مد.
[8296]:في الأصل: وقتا والتصحيح من بقية الأصول.
[8297]:في الأصل: الترامى، والتصحيح من بقية الأصول.
[8298]:من م وظ ومد، وفي الأصل: الر- كذا.
[8299]:في الأصل: نهوا، والتصحيح من بقية الأصول.
[8300]:في الأصل: فيكم والتصحيح من م وظ ومد.
[8301]:في الأصل نهاره والتصحيح من م وظ ومد.
[8302]:العبارة من هنا إلى "للقتال" ليست في ظ.
[8303]:زيد من م ومد وفي الأصل: الشدايد.
[8304]:قال أبو حيان الأندلسي: والعدوان مصدر عدا بمعنى اعتدى وهو نفي عام أي لا يؤخذ فرد فرد من أنواعه البتة إلا على من ظلم ويراد بالعدوان الذي هو الظلم الجزاء، سماه عدوانا من حيث هو جزاء عدوان....وقال الرماني: إنما استعمل لفظ العدوان في الجزاء من غير مزاوجة اللفظ لأن مزاوجة اللفظ مزاوجة المعنى كأنه يقول: انتهوا عن العدوان فلا عدوان إلا على الظالمين – البحر المحيط 2 / 68.
[8305]:في الأصل/ اتباع، والتصحيح من بقية الأصول.
[8306]:من م ومد وظ، وفي الأصل: يمكن.
[8307]:في الأصل: سلطا عليهم، والتصحيح من بقية الأصول.
[8308]:في الأصل: سلطا عليهم والتصحيح من بقية الأصول.
[8309]:ليست في ظ.
[8310]:ليست في ظ.