تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِۖ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَلَا عُدۡوَٰنَ إِلَّا عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ} (193)

الآية 193 وقوله تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) إنما أمرنا بالقتال مع الكفرة ليسلموا ، فإن قيل : إيش الحكمة في قتل الكفرة ، وهو في الظاهر غير مستحسن في العقل ؟ قيل : إنا نقاتلهم{[2235]} ليسلموا ، ولا نقتلهم إلا أن يأبوا{[2236]} الإسلام ، فإذا أبوا ذلك ، ثم لم نقتلهم لا يسلمون أبدا . لذلك قتلناهم ، إذ في القتل ذهاب الفتنة ، ويحتمل ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) على وجه الأرض ، أي تطهر من الشرك ، وقال قوم : الفتنة ههنا العذاب ؛ أي قاتلوا حتى لا يقدر{[2237]} عليه كفار .

وقوله تعالى : ( ويكون الدين لله ) أي ليكون الدين دين الله في الأرض لا الشرك ، و( الدين ) الحكم . وقوله : ( فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) ؛ فإن قيل : فإذا صار الدين كله لله ، فلا ظالم هنالك ، فما معنى هذا الكلام ؟ قيل : يحتمل [ أن ]{[2238]} لا عدوان إلا على الظالم الذي أحدث الظلم من بعد ، ويحتمل : أن لا عدوان إلا على من بقي منهم مع الظلم . فإن قيل : فلم{[2239]} سمي عدوانا ، والعدوان هو ما لا يحل ؟ قيل : لأنه جزاء العدوان ، وإن لم يكن هو في الحقيقة عدوانا{[2240]} ، فسمي باسمه كما سمي جزاء السيئة سيئة ، وإن لم يكن هو سيئة كقوله : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ الشورى : 40 ] ، وكما سمي جزاء الاعتداء [ اعتداء ]{[2241]} ، وإن لم يكن في الحقيقة اعتداء ، فكذلك الأول .


[2235]:- من ط ع، في الأصل و م: فقاتلوهم.
[2236]:-من ط ع، في الأصل و م: يأتوا.
[2237]:- في النسخ الثلاث: يقدروا.
[2238]:- من ط ع.
[2239]:- في ط ع: فلما.
[2240]:- في النسخ الثلاث: عدوان
[2241]:- من ط م و ط ع، ساقطة من الأصل