لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} (75)

قوله عز وجل : { وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله } قال المفسرون : هذا حض من الله على الجهاد في سبيله لاستنقاذ المؤمنين المستضعفين من أيدي الكفار وفيه دليل على أن الجهاد واجب والمعنى لا عذر لكم في ترك الجهاد وقد بلغ حال المستضعفين ما بلغ من الضعف والأذى { والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان } قال ابن عباس يريد أن قوماً من المؤمنين استضعفوا فحبسوا وعذبوا وقيل كان هؤلاء بمكة يلقون من المشركين أذى شديداً . وكان أهل مكة قد اجتهدوا أن يفتنوا قوماً من المؤمنين عن دينهم بالأذى لهم وكانوا مستضعفين في أيديهم ولم يكن لهم بمكة قوة يمتنعون بها من المشركين فعلى هذا يكون معنى الآية : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله وفي خلاص المستضعفين . وقال ابن عباس معناه وعن المستضعفين لأن المراد صرف الأذى عنهم ( خ ) عن ابن عباس في قوله : { وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين } الآية . قال كنت أنا وأمي من المستضعفين وفي رواية ابن أبي مليكة قال تلا ابن عباس { إلاّ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } قال كنت أنا وأمي ممن عذر الله أنا من الولدان وأمي من النساء فعلى هذه الرواية الثانية من حديث ابن عباس يكون معنى والمستضعفين إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان فإنهم ممن عذر الله في ترك القتال والولدان جمع وليد وهو الصبي الصغير { الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية } يعني مكة { الظالم أهلها } يعني الظالم أهلها أنفسهم بالشرك لقوله تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } وذلك أن المستضعفين لما منعهم المشركون من الهجرة من مكة إلى المدينة دعوا الله عز وجل فقالوا ربنا أخرجنا من هذه القرية يعني مكة الظالم أهلها بالشرك { واجعل لنا من لدنك ولياً } يعني ولياً يلي أمرنا { واجعل لنا من لدنك نصيراً } يعني يبصرنا ويمنعنا من العدو فاستجاب الله دعاءهم وجعل لهم من لدنه خير ولي وخير ناصر وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتولى أمرهم ونصرهم واستنقذهم من أيدي المشركين يوم فتح مكة واستعمل عليهم عتاب بن أسيد وكان ابن ثمان عشرة سنة فكان ينصر المظلومين على الظالمين ويأخذ للضعيف من القوي .