السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} (75)

وقوله تعالى :

{ وما لكم لا تقاتلون } استفهام توبيخ أي : لا مانع لكم من القتال { في سبيل الله } لإعلاء دينه وقوله تعالى : { والمستضعفين } عطف على اسم الله أي : وفي سبيل المستضعفين وهو تخليصهم من الأسر وصونهم عن العدوّ وقوله تعالى : { من الرجال والنساء والولدان } بيان للمستضعفين وهم المسلمون الذين حبسهم الكفار عن الهجرة وآذوهم قال ابن عباس : كنت أنا وأمي منهم وإنما ذكر الوالدان مبالغة في الحث وتنبيهاً على تناهي المشركين بحيث بلغ أذاهم الولدان وإن دعوتهم أجيبت بسبب مشاركتهم في الدعاء حتى يشاركوا في استنزال الرحمة واستدفاع البلية . وقيل : المراد بهم العبيد والإماء وهم جمع وليد { الذين يقولون } أي : داعين يا { ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها } أي : بالكفر { واجعل لنا من لدنك } أي : من عندك { ولياً } يتولى أمرنا { واجعل لنا من لدنك نصيراً } يمنعنا منهم وقد استجاب الله تعالى دعاءهم فيسر لبعضهم الخروج إلى المدينة ، وبقي بعضهم إلى أن فتحت مكة له صلى الله عليه وسلم فتولاهم ونصرهم ، ثم استعمل عليهم عتاب بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين فحماهم ونصرهم حتى صاروا أعز أهلها ، وكان حينئذ ابن ثمان عشرة سنة ، والقرية مكة ، والظالم صفتها ، وتذكيره لتذكير ما أسند إليه ، فإن اسم الفاعل أو المفعول إذا جرى على غير من هو له كان كالفعل يذكر ويؤنث على حسب ما عمل فيه .