فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} (75)

قوله : { وَمَا لَكُمْ لاَ تقاتلون فِى سَبِيلِ الله } خطاب للمؤمنين المأمورين بالقتال على طريق الالتفات . قوله : { المستضعفين } مجرور عطفاً على الاسم الشريف ، أي : ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله ، وسبيل المستضعفين حتى تخلصوهم من الأسر ، وتريحوهم مما هم فيه من الجهد . ويجوز أن يكون منصوباً على الاختصاص ، أي : وأخص المستضعفين ، فإنهم من أعظم ما يصدق عليه سبيل الله ، واختار الأوّل الزجاج ، والأزهري . وقال محمد بن يزيد : أختار أن يكون المعنى ، وفي المستضعفين ، فيكون عطفاً على السبيل ، والمراد بالمستضعفين هنا : من كان بمكة من المؤمنين تحت إذلال الكفار ، وهم : الذين كان يدعو لهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : «اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعيّاش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين » كما في الصحيح . ولا يبعد أن يقال : إن لفظ الآية أوسع ، والاعتبار بعموم اللفظ لولا تقييده بقوله : { الذين يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذه القرية الظالم أَهْلُهَا } فإنه يشعر باختصاص ذلك بالمستضعفين الكائنين في مكة ؛ لأنه قد أجمع المفسرون على أن المراد بالقرية الظالم أهلها : مكة . وقوله : { مِنَ الرجال والنساء والولدان } بيان للمستضعفين .

/خ76