لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِۦ يُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَيۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ نُورٗا تَمۡشُونَ بِهِۦ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (28)

{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته } أجرين بإيمانهم بعيسى وبالتوراة والإنجيل وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم له وقال { ويجعل لكم نوراً تمشون به } القرآن واتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال{ لئلا يعلم أهل الكتاب } الذين يتشبهون بكم{ ألا يقدرون على شيء من فضل الله } الآية أخرجه النسائي موقوفا على ابن عباس وقال قوم انقطع الكلام عند قوله ورحمة ثم قال ورهبانية ابتدعوها وذلك أنهم تركوا الحق فأكلوا الخنزير وشربوا الخمر وتركوا الوضوء والغسل من الجنابة والختان ، " فما رعوها " يعني الملة والطاعة حق رعايتها كناية عن غير مذكور{ فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم } وهم أهل الرأفة والرحمة{ وكثير منهم فاسقون } وهم الذين غيروا وبدلوا وابتدعوا الرهبانية ويكون معنى قوله :{ ابتغاء رضوان الله } على هذا التأويل :{ ما كتبناها عليهم } ولكن ابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر به دون الترهب لأنه لم يأمر به .

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } الخطاب لأهل الكتابين من اليهود والنصارى يعني يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى اتقوا الله في محمد وآمنوا به وهو قوله تعالى : { وآمنوا برسوله } يعني بمحمد صلى الله عليه وسلم { يؤتكم كفلين } أي نصيبين { من رحمته } يعني يؤتكم أجرين لإيمانكم بعيسى والإنجيل وبمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ( ق ) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك الذي أدى حق مواليه وحق الله ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران » ، { ويجعل لكم نوراً تمشون به } يعني على الصراط وقال ابن عباس : النور هو القرآن وقيل هو الهدى والبيان أي يجعل لكم سبيلاً واضحاً في الدين تهتدون به { ويغفر لكم } أي ما سلف من ذنوبكم قبل الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، { والله غفور رحيم } .