لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (25)

قوله عز وجل : { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات } أي بالدلالات والآيات والحجج { وأنزلنا معهم الكتاب } أي المتضمن للأحكام وشرائع الدين { والميزان } يعني العدل أي وأمرنا بالعدل وقيل المراد بالميزان هو الآلة التي يوزن بها وهو يرجع إلى العدل أيضاً وهو قوله { ليقوم الناس بالقسط } أي ليتعاملوا بينهم بالعدل ، { وأنزلنا الحديد } قيل إن الله تعالى أنزل مع آدم عليه الصلاة والسلام لما أهبط إلى الأرض السندان والمطرقة والكلبتين وروي عن ابن عمر يرفعه " إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض الحديد والنار والماء والملح " وقيل أنزلنا هنا بمعنى أنشأنا وأحدثنا الحديد وذلك أن الله تعالى أخرج لهم الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه وإلهامه ، { فيه بأس شديد } أي قوة شديدة فمنه جنة وهي آلة الدفع ومنه سلاح وهي آلة الضرب { ومنافع للناس } أي ومنه ما ينتفعون به في مصالحهم كالسكين والفأس والإبرة ونحو ذلك ، إذ الحديد آلة لكل صنعة فلا غنى لأحد عنه { وليعلم الله } أي وأرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم هذه الأشياء ليتعامل الناس بالحق والعدل وليرى الله { من ينصره } أي من ينصر دينه { ورسله بالغيب } أي الذين لم يروا الله ولا الآخرة وإنما يحمد ويثاب من أطاع بالغيب وقال ابن عباس ينصرونه ولا يبصرونه { إن الله قوي } في أمره { عزيز } في ملكه .