قوله تعالى : { يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ } .
أي : آمنوا بموسى وعيسى { اتقوا الله وَآمِنُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } ، أي : مثلين من الأجْر على إيمانهم بعيسى وبمحمد صلى الله عليه وسلم ؛ وهذا نظير قوله تعالى : { أولئك يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ } [ القصص : 54 ] .
و«الكِفْلُ » : الحظّ والنصيب{[55531]} .
وقد تقدم ، وهو في الأصل كساء يكتفلُ به الراكب يحفظه من السقوط . قاله ابن جرير{[55532]} .
وقال الأزهري{[55533]} : اشتقاقه من الكساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه لئلا يسقط ، والمعنى : يؤتكم نَصِيبيْنِ يحفظانكم من هلكةِ المعاصي كما يحفظ الكفلُ الراكب .
وقال أبو موسى الأشعري : «كِفْلَيْن » ضِعْفَيْن ، بلسان «الحبشة » .
وقال ابن زيد : «كِفْلين » أجر الدنيا والآخرة{[55534]} .
وقيل : لما نزلت : { أولئك يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ } افتخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية .
فإن قيل : إنه - تعالى - لما أعطاهم كِفْلَيْنِ ، وأعطى المؤمن كفلاً واحداً كان حالهم أعظم .
فالجواب{[55535]} : أنه لا يبعد أن يكون النَّصيب الواحد أزيد قدراً من النصيبين .
روى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ثَلاثَةٌ يُؤتَوْنَ أجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ : رجُلٌ كانَتْ لَهُ جَاريةٌ فأدَّبهَا وأحْسَنَ أدبهَا ، ثُمَّ أعتَقَهَا وتَزوَّجَهَا ، ورجُلٌ مِنْ أهْلِ الكِتابِ آمَنَ بِكِتَابِهِ ، وآمَنَ بمُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وعبدٌ أحْسَنَ عبادةَ اللَّهِ ونَصَحَ سَيِّدَهُ »{[55536]} .
قوله : { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً } .
قال مجاهد : أي : بياناً وهدى{[55537]} .
وقال ابن عباس : هو القرآن{[55538]} .
وقيل : ضياء يمشون به في الآخرة على الصراط ، وفي القيامة إلى الجنة ، وهو النور المذكور في قوله تعالى { يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم } .
وقيل{[55539]} : تمشون به في الناس تدعونهم إلى الإسلام ، فتكونون رؤساء في دين الإسلام لا تزول عنكم رياسة كنتم فيها ، وذلك أنهم خافوا أن تزول رياستهم لو آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإنما كان يفوتهم أخذ رشوة يسيرة من الضعفة بتحريف أحكام الله تعالى ، لا الرِّياسة الحقيقية في الدين ثم قال : { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } ، أي : ما أسلفتم من المعاصي ، { والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.