ثم قال : { يا أيها الذين آمنوا } [ 27 ] أي : صدقوا بما جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم {[67410]} من أهل الكتابين .
{ اتقوا الله } أي : خافوه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه .
{ وآمنوا برسوله } يعني محمدا صلى الله عليه وسلم {[67411]} .
{ يوتكم كفلين من رحمته } أي : يعطيكم ضعفين من الأجر بإيمانكم بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم {[67412]} ، وأصل الكفل : الحظ {[67413]} {[67414]} .
قال ابن عباس كفلين : أجرين بإيمانكم بعيسى ومحمد عليه السلام {[67415]} وبالقرآن والإنجيل {[67416]} .
قال : " بن جبير بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعفرا في سبعين راكبا إلى النجاشي {[67417]} يدعوه {[67418]} ، فقدم عليه فدعاه فاستجاب له وآمن به ، فلما كان عند انصرافه قال ناس ممن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلا إئذن لنا فنأتي هذا النبي فنلم {[67419]} به ونركب بهؤلاء {[67420]} في البحر ، فأنا أعلم بالبحر منهم ، فقدموا مع جعفر على النبي صلى الله عليه وسلم وقد تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم لوقعة أحد ، فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة ( وشدة الحال استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إن لنا أموالا ونحن ما نرى ما بالمسلمين من خصاصة ) {[67421]} فأن أنت {[67422]} أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها ، فأذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين ، فأنزل الله عز وجل {[67423]} فيهم { الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون } إلى قوله { يؤتون أجرهم مرتين {[67424]} بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون } {[67425]} : أي : يريد النفقة التي واسوا بها المسلمين {[67426]} فلما سمع أهل الكتاب ممن {[67427]} لم يؤمن بالنبي عليه السلام {[67428]} ، هذا فخروا على المسلمين فقالوا يا معشر المسلمين أما من آمن [ منا ] {[67429]} بكتابكم وكتابنا فله أجره مرتين ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجره كأجوركم فما فضلكم علينا ، فأنزل الله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم } {[67430]} فجعل لهم أجرين ، وزادهم النور والمغفرة {[67431]} .
قال الضحاك { كفلين من رحمته } أي : أجرين بإيمانكم بالكتابة الأول وبالكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {[67432]} {[67433]} .
قال ابن زيد " كفلين من رحمته " أجر الدنيا {[67434]} وأجر الآخرة {[67435]} .
وقال ابن عمر " كفلين " ثلاث مائة جزء من الرحمة وستة وثلاثون جزءا رواه {[67436]} عنه نعيم بن حماد {[67437]} .
وقال الشعبي الناس يوم القيامة على أربع منازل : رجل كان مؤمنا بعيسى فآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم {[67438]} فله أجران ، ورجل كان كافرا بعيسى فآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم {[67439]} فله أجر ، ورجل كفر بعيسى وبمحمد عليهما السلام {[67440]} فباء {[67441]} بغضب على غضب ، ورجل كان كافرا بعيسى من مشركي العرب فمات بكفرة قبل محمد صلى الله عليه وسلم/ {[67442]} فباء بغضب واحد {[67443]} .
وسئل سعيد بن عبد {[67444]} العزيز عن الكفل فقال : " ثلاثمائة وخمسون حسنة وقال {[67445]} سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه {[67446]} سأل حبرا من أحبار اليهود فقال له : كم أفضل ما ضعفت {[67447]} له الحسنة ، فقال كفل ثلاث مائة وخمسون حسنة . قال : فمحمد الله عمر على أنه تعالى أعطانا كفلين فضاعفه لنا {[67448]} الحسنة إلى سبع مائة ضعف {[67449]} .
وعن النبي صلى الله عليه أنه قال : " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل آمن بالكتاب الأول {[67450]} والكتاب الآخر ، ورجل كانت له أمة ، فأدبها ، فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها ، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه عز وجل {[67451]} ونصح لسيده " {[67452]} .
وقال عمر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " و
إنما آجالكم في آجال من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب {[67453]} الشمس ، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استأجر عمالا فقال من يعمل [ من ] {[67454]} بكرة إلى نصف النهار على قيراط قيراط فعملت اليهود ثم قال {[67455]} : من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل من صلاة العصر إلى مغرب {[67456]} الشمس على قيراطين قيراطين ألا فعملتم " {[67457]} .
ثم قال : { ويجعل لكم نورا تمشون به } .
قال ابن عباس النور : القرآن {[67458]} واتباعهم النبي عليه السلام {[67459]} ، وقاله ابن جبير {[67460]} .
وقال مجاهد : { ويجعل لكم نورا } أي : هدى {[67461]} .
وقيل معناه : ويجعل لكم نورا تمشون به يوم القيامة ، وهو النور الذي يكون للمؤمنين يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.