صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} (5)

{ إن هذا لشيء عجاب } : متجاوز حد العجب ، وهو أبلغ من عجيب ؛ مثل قولهم للرجل الذي فيه طول : طويل . وللذي تجاوز حد الطول : طوال . قال المشركون ذلك حين ذهبوا إلى أبي طالب يطلبون منه أن يكف الرسول عن شتم آلهتهم ؛ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه : ( إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها يدين لهم بها العرب ، وتؤدى إليهم بها العجم الجزية ) فقالوا : ما هي ؟ وأبيك لنعطينّكها وعشرا معها . قال : ( لا إله إلا الله ) فقاموا فزعين يقولون : " أجعل الآلهة إلها واحدا ! إن هذا لشيء عجاب " ! .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ} (5)

قوله : { أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا } الآلهة ، وإلها ، مفعولان لجعل ، وهو بمعنى صيَّر . فهم بسفاهتهم وضلالتهم يستنكرون جعل الآلهة إلها واحدا ويقولون : { إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } أي عجب بالغ أو في غاية العجب . وذُكر في سبب نزول هذه الآية أنه لما أسلم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – شقَّ على قريش إسلامه فاجتمعوا إلى أبي طالب وقالوا : اقضِ بيننا وبين أخيك ، فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء – أي العدل – فلا تمِلْ كل الميل على قومك . قال " وماذا يسألونني ؟ " قالوا : ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا ونذرك وإلهك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتعطونني كلمة واحدة وتملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم " . فقال أبو جهل : لله أبوك ! لنعطينّكهَا وعشْر أمثالها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " قولوا لا إله إلا الله " فنفروا من ذلك وقاموا ، فقالوا : { أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا } فكيف يسع الخلْقَ كلهم إله واحد . فأنزل الله فيهم هذه الآيات .