صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

{ أأمنتم من في السماء . . . } أي أأمنتم من في السماء وهو الله تعالى أن يذهب الأرض إلى سفل ملتبسة بكم . والآية من متشابه القرآن . وقد أجمعت القرون الثلاثة على إجراء المتشابهات على مواردها مع التنزيه بليس كمثله شيء ؛ وقد أوضح الآلوسي هذا غاية الإيضاح في تفسير هذه الآية . { فإذا هي تمور } تضطرب وتتحرك ، فتعلو عليهم وهم يخسفون فيها إلى أسفل سافلين ، من المور ، وأصله التردد في الذهاب والمجئ . يقال : مار يمور ، تحرك وجاء وذهب .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

الأمن : الاطمئنان وعدم الخوف ، وهو أعظم شيء في الوجود .

مَن في السماء : يعني ربنا الأعلى .

تمور : تهتز وتضطرب .

ثم بيّن الله أن الإنسانَ يجب أن يكون دائماً في خوفٍ ورجاءٍ ، فذكر أنه : هل يأمنون أن يحلَّ بهم في الدنيا مثلُ ما حلّ بالمكذّبين من قبلهم ؟ من خسْفٍ عاجلٍ تمورُ به الأرض .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

ثم خوف الكفار ، فقال { أأمنتم من في السماء } قال ابن عباس : أي : عذاب من في السماء إن عصيتموه ، { أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور } قال الحسن : تتحرك بأهلها . وقيل : تهوي بهم . والمعنى : أن الله تعالى يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى تلقيهم إلى أسفل ، تعلو عليهم وتمر فوقهم . يقال : مار يمور ، أي : جاء وذهب .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

قوله تعالى : " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض " قال ابن عباس : أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه . وقيل : تقديره أأمنتم من في السماء قدرته وسلطانه وعرشه ومملكته . وخص السماء وإن عم ملكه ، تنبيها على أن الإله الذي تنفذ قدرته في السماء لا من يعظمونه في الأرض . وقيل : هو إشارة إلى الملائكة . وقيل : إلى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب{[15194]} .

قلت : ويحتمل أن يكون المعنى : أأمنتم خالق من في السماء أن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون . " فإذا هي تمور " أي تذهب وتجيء . والمور : الاضطراب بالذهاب والمجيء . قال الشاعر :

رَمَيْنَ فَأَقْصَدْنَ القلوب ولن ترى *** دَماً مَائِراً إلا جَرَى في الحَيَازِمِ

جمع حيزوم وهو وسط الصدر . وإذا خسف بإنسان دارت به الأرض فهو المور . وقال المحققون : أمنتم من فوق السماء ، كقوله : " فسيحوا في الأرض{[15195]} " [ التوبة : 2 ] أي فوقها لا بالمماسة والتحيز ، لكن بالقهر والتدبير . وقيل : معناه أمنتم من على السماء ، كقوله تعالى : " ولأصلبنكم في جذوع النخل{[15196]} " [ طه : 71 ] أي عليها . ومعناه أنه مديرها ومالكها ، كما يقال : فلان على العراق والحجاز ، أي واليها وأميرها . والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة ، مشيرة إلى العلو ؛ لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل معاند . والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السُّفل والتحت . ووصفه بالعلو والعظمة ، لا بالأماكن والجهات والحدود ، لأنها صفات الأجسام . وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء ، لأن السماء مهبط الوحي ، ومنزل القطر ، ومحل القدس ، ومعدن المطهرين من الملائكة ، وإليها ترفع أعمال العباد ، وفوقها عرشه وجنته ؛ كما جعل الله الكعبة قبلة للدعاء والصلاة ، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها ، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان . ولا مكان له ولا زمان . وهو الآن على ما عليه كان . وقرأ قنبل عن ابن كثير " النشور وأمنتم " بقلب الهمزة الأولى واوا وتخفيف الثانية . وقرأ الكوفيون والبصريون وأهل الشام سوى أبي عمرو وهشام بالتخفيف في الهمزتين ، وخفف الباقون . وقد تقدم جميعه .


[15194]:كلمة "العذاب" ساقطة من ح، س، هـ.
[15195]:راجع جـ 8 ص 64.
[15196]:راجع جـ 11 ص 224.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

{ أأمنتم } الآية : مقصودها التهديد والتخويف للكفار ، وكذلك الآية التي بعدها .

{ تمور } ذكر في الطور .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

ولما لم يكن بعد الاستعطاف إلا الإنذار على الخلاف ، قال مهدداً للمكذبين بعذاب دون عذاب جهنم ، منكراً عليهم الأمان ، بعد إقامة الدليل على أن بيده الملك ، وأنه قادر على ما يريد منه بأسباب جنوده {[66955]}وبغير سبب ، مقرراً{[66956]} بعد تقرير حاجة الإنسان وعجزه ، أنه لا حصن له و{[66957]}لا مانع له بوجه من عذاب الله ، فهو دائم الافتقار ملازم للصغار : { أأمنتم } أي أيها المكذبون ، وخاطبهم بما كانوا يعتقدون مع أنه{[66958]} إذا حمل على الرتبة وأول السماء بالعلو ، أو جعل كناية عن التصرف ، لأن العادة جرت غالباً أن من كان في شيء كان متصرفاً فيه ، صح من غير تأويل فقال : { من في السماء } أي على زعمكم ، العالية قاهرة لكم ، أو{[66959]} المعنى : من الملائكة الغلاظ الشداد الذين صرفهم في{[66960]} مصالح العباد{[66961]} ، أو المعنى : في غاية العلو رتبة ، أو أن ذلك إشارة إلى أن في السماء أعظم أمره ، لأنها ترفع إليها أعمال عباده ، وهي مهبط الوحي ، ومنزل القطر ، ومحل القدس والسلطان والكبرياء ، وجهة العرش ، ومعدن المطهرين والمقربين من الملائكة ، الذين أقامهم الله في تصريف أوامره ونواهيه ، والذي دعا إلى مثل هذا التأويل السائغ الماشي على لسان العرب قيام{[66962]} الدليل القطعي على أنه سبحانه ليس بمتحيز في جهة ، لأنه محيط فلا يحاط به ، لأن ذلك لا يكون إلا لمحتاج ؛ ثم أبدل من " من " بدل اشتمال فقال : { أن } .

ولما كانت قدرته على ما يريد بلا واسطة كقدرته بالواسطة ، وقدرته إذا كان الواسطة جمعاً كقدرته إذا كان واحداً ، لأن الفاعل على كل تقدير حقيقة هو لا غيره ، وحد بما يقتضيه لفظ " من " إشارة إلى هذا المعنى سواء أريد ب " من " هو سبحانه أو ملائكته أو واحد{[66963]} منهم فقال{[66964]} : { يخسف } أي أأمنتم خسفه ، ويجوز أن يراد ب " من " الله سبحانه وتعالى كما مضى خطاباً على زعمهم وظنهم أنه في السماء ، وإلزاماً لهم بأنه كما قدر على الإمطار والإنبات وغيرهما من التصرفات في الأرض ، فهو يقدر على غيره { بكم الأرض } كما خسف بقارون وغيره .

ولما كان الذي يخسف به من الأرض ، يصير كالساقط في الهواء ، وكان الساقط في الهواء{[66965]} يصير يضطرب{[66966]} ، سبب عن ذلك قوله : { فإذا هي } أي الأرض التي أنتم بها { تمور * } أي تضطرب وهي تهوي بكم وتجري هابطة في الهواء وتتكفأ إلى حيث شاء سبحانه ، قال في القاموس : المور الاضطراب والجريان على وجه الأرض والتحرك .


[66955]:- من ظ وم، وفي الأصل: مقررا بغير سبب تقريرا.
[66956]:- من ظ وم، وفي الأصل: مقررا بغير سبب تقريرا.
[66957]:- زيد من ظ وم.
[66958]:- زيد من ظ وم.
[66959]:- زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66960]:- من ظ وم، وفي الأصل: المصالح.
[66961]:- من ظ وم، وفي الأصل: المصالح.
[66962]:- زيد من ظ وم.
[66963]:- من م، في الأصل وظ: واحدا.
[66964]:- زيد من ظ وم.
[66965]:- زيد من ظ وم.
[66966]:- من ظ وم، وفي الأصل: يغيظ.