إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

{ أأمِنْتُمْ مَن في السماء } أي الملائكةَ الموكلينَ بتدبيرِ هذا العالمِ ، أو الله سبحانَهُ على تأويلِ من في السماءِ أمرُهُ وقضاؤهُ ، أو على زعمِ العربِ حيثُ كانُوا يزعمونَ أنَّه تعالَى في السماءِ ، أي أأمنتُم منْ تزعمُونَ أنَّهُ في السماءِ ، وهُو متعالٍ عن المكانِ . { أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأرض } بعدَ ما جعلَهَا لكُم ذلولاً تمشون في مناكبِهَا ، وتأكلونَ من رزقِهِ ، لكفرانِكُم تلكَ النعمةَ ، أي يقلبُهَا ملتبسةً بكُم ، فيغيبكم فيهَا كما فعلَ بقارونَ ، وهو بدلُ اشتمالٍ مِنْ مَنْ ، وقيلَ هو عَلى حذفِ الجارِّ ، أيْ مِنْ أنْ يخسفَ { فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } أي تضطربُ ذهاباً ومجيئاً على خلافِ ما كانَتْ عليهِ من الذُّلِّ والاطمئنانِ .