فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (16)

{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ( 16 ) }

ثم خوف سبحانه الكفار فقال : { أأمنتم من في السماء } قال الواحدي قال المفسرون : يعني عقوبة من في السماء ، وقيل : من في السماء عرشه وقدرته وسلطانه ، أي محل سلطانه ومحل قدرته ، وهو العالم العلوي ، وخص بالذكر وإن كان كل موجود محلا للتصرف فيه ، ومقدورا له تعالى ، لأن العالم العلوي أعجب وأغرب ، فالتخويف به أشد من التخويف بغيره .

وقيل : الملائكة ، وقيل : المراد جبريل ، وقيل : هو الله سبحانه ، وهو الحق ، لأن ظاهر النظم القرآني يقتضي أن الباري تعالى فوق السماء " وفي " بمعنى على ، والمعنى من ثبت واستقر في السماء أي على العالي وهو العرش ، قرأ الجمهور أأمنتم بهمزتين ، وقرئ بالتخفيف ، وبقلب الأولى واوا .

وقوله : { أن يخسف بكم الأرض } بدل اشتمال من الموصول ، أي أأمنتم خسفه أو على حذف ( من ) أي من أن يخسف ، والمعنى : يقلبها متلبسة بكم كما فعل بقارون ، بعد ما جعلها لكم ذلولا تمشون في مناكبها .

{ فإذا هي تمور } أي تضطرب وتتحرك بكم ، على خلاف ما كانت عليه من السكون والاطمئنان ، وقيل : تهوي بهم ، وقيل : تجيء وتذهب ، والأول أولى ، قال الرازي : إن الله يحرك الأرض عند الخسف بهم ، حتى تتحرك فتعلو عليهم ، وهم يخسفون فيها فتنقلب فوقهم ، وتخسفهم إلى أسفل سافلين .