صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا} (2)

{ ورأيت الناس يدخلون في دين الله } أي في ملة الإسلام ، التي لا دين لله تعالى يضاف إليه غيرها . { أفواجا } جماعات كثيرة من غير قتال ، لا أحادا كما كان قبل فتح مكة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا} (2)

{ ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } جماعات جماعات بعد ما كان يدخل واحد فواحد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه السورة قال : قد نعيت إلي نفسي .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا} (2)

قوله تعالى : { ورأيت الناس } أي العرب وغيرهم . { يدخلون في دين الله أفواجا } أي جماعات : فوجا بعد فوج . وذلك لما فتحت مكة قالت العرب : أما إذا ظفر محمد بأهل الحرم ، وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل ، فليس لكم به يدان{[16516]} . فكانوا يسلمون أفواجا : أمة أمة . قال الضحاك : والأمة : أربعون رجلا . وقال عكرمة ومقاتل : أراد بالناس أهل اليمن . وذلك أنه ورد من اليمن سبعمائة إنسان مؤمنين طائعين ، بعضهم يؤذنون ، وبعضهم يقرؤون القرآن ، وبعضهم يهللون ، فُسِّرَ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وبكى عمر وابن عباس . وروى عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : " { إذا جاء نصر الله والفتح } وجاء أهل اليمن رقيقة أفئدتهم ، لينة طباعهم ، سخية قلوبهم ، عظيمة خشيتهم ، فدخلوا في دين الله أفواجا " . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاكم أهل اليمن ، هم أضعف قلوبا ، وأرق أفئدة ، الفقه يمان ، والحكمة يمانية " . وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إني لأجد نفس ربكم من قبل اليمين " ، وفيه تأويلان : أحدهما : أنه الفرج ، لتتابع إسلامهم أفواجا . والثاني : معناه أن الله تعالى نفس{[16517]} الكرب عن نبيه صلى الله عليه وسلم بأهل اليمن ، وهم الأنصار . وروى جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا ، وسيخرجون منه أفواجا " ذكره الماوردي ، ولفظ الثعلبي : وقال أبو عمار : حدثني جابر لجابر ، قال : سألني جابر ، عن حال الناس ، فأخبرته عن حال اختلافهم وفرقتهم ، فجعل يبكي ويقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا ، وسيخرجون من دين الله أفواجا " .


[16516]:أي طاقة.
[16517]:قال ابن الأثير: "هو مستعار من نفس الهواء الذي يرده التنفس إلى الجوف، فيبرد من حرارته ويعدلها. أو من نفس الريح الذي يتنسمه، فيستروح إليه. أو من نفس الروضة وهو طيب روائحها، فيتفرج به عنه. يقال: أنت في نفس من أمرك، واعمل وأنت في نفس من عمرك، أي في سعة وفسحة، قبل المرض والهرم ونحوهما,
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا} (2)

{ ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } أي : جماعات ، وذلك أنه أسلم بعد فتح مكة بشر كثير ، فقد روي : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه في فتح مكة عشرة آلاف ، وكان معه في غزوة تبوك سبعون ألفا " ، وقال أبو عمر ابن عبد البر : " لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي العرب رجل كافر " ، وقد قيل : إن عدد المسلمين عند موته مائة ألف ، وأربعة عشر ألفا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا} (2)

ولما عبر عن المعنى بالمجيء ، عبر عن المرئي بالرؤية فقال : { ورأيت } أي بعينيك ، { الناس } أي العرب الذين كانوا حقيرين عند جميع الأمم ، فصاروا بك هم الناس - كما دلت عليه لام الكمال ، وصار سائر أهل الأرض لهم أتباعاً ، وبالنسبة إليهم رعاياً ، حال كونهم { يدخلون } شيئاً فشيئاً متجدداً دخولهم مستمراً { في دين الله } أي شرع من لم تزل كلمته هي العليا في حال إباء الخلق - بقهره لهم على الكفر الذي لا يرضاه لنفسه عاقل - ترك الحظوظ ، وفي حال طواعيتهم بقسره لهم على الطاعة ، وعبر عنه بالدين الذي معناه الجزاء ؛ لأن العرب كانوا لا يعتقدون القيامة التي لا يتم ظهور الجزاء إلا بها { أفواجاً * } أي قبائل قبائل ، وزمراً زمراً ، وجماعات كثيفة كالقبيلة بأسرها ، أمة بعد أمة ، كأهل مكة والطائف وهوازن وهمدان وسائر القبائل من غير قتال ، في خفة وسرعة ومفاجأة ولين ، بعد دخولهم واحداً واحداً ، ونحو ذلك ؛ لأنهم قالوا : أما إذا ظفر بأهل الحرم ، وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل الذين لم يقدر أحد على ردهم ، فليس لنا بهم يدان . فتبين أن هذا القياس المنتج هذه النتيجة البديهية بقصة أصحاب الفيل ما رتبه الله إلا إرهاصاً لنبوته ، وتأسيساً لدعوته ، فألقوا بأيديهم ، وأسلموا قيادهم حاضرهم وباديهم .