قوله { ورأيت } ظاهره أنها رؤية القلب ، وجوز أن تكون رؤية البصر ، فيكون { يدخلون } حالاً . وظاهر لفظ الناس يقتضي العموم ، فيجيب أن يقدر غيرهم كالنسناس ، بدليل قوله { أولئك كالأنعام } [ الأعراف :179 ] . وسئل الحسن بن عليّ فقال : نحن الناس ، وأشياعنا أشباه الناس ، وأعداؤنا النسناس ، فقبّله عليّ بين عينيه وقال{ الله أعلم حيث يجعل رسالته } [ الأنعام :124 ] . قيل : إنهم لما دخلوا في الإسلام بعد مدة طويلة وتقصير كثير فكيف استحقوا المدح بأنهم الناس ؟ وأجيب بأنه إشارة إلى سعة رحمة الله ، فإن العبد بعد أن أتى بالكفر والمعصية سبعين سنة ، فإذا أتى بالإيمان في آخر عمره قبل إيمانه ، كأن الرب تعالى يقول : ربيته سبعين سنة مات على كفره ، وقع في النار وضاع إحساني إليه في سبعين سنة . ويروى أن الملائكة تقول لمثل هذا الإنسان : أتيت ، وإن كنت قد أبيت . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أفرح بتوبة أحدكم من الضال الواجد ، والظمآن الوارد " ، ويجوز أن يكون المراد بالناس أهل اليمن ، على ما روي عن أبي هريرة أنه لما نزلت السورة قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر ، جاء نصر الله والفتح " . وجاء " أهل اليمن ، قوم رقيقة قلوبهم ، الإيمان يمان ، والفقه يمان ، والحكمة يمانية " ، وقال : " إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن " . قال جمهور الفقهاء وكثير من المتكلمين : إن إيمان المقلد صحيح ؛ لأنه تعالى حكم بصحة إيمان أولئك الأفواج ، وجعله من أعظم المنن على نبيه . ثم إنا نعلم قطعاً أنهم ما كانوا يعرفون حدوث الأجسام بالدلائل ، ولا صفات الكمال ونعوت الجلال ، وكونه سبحانه متصفاً بها منزهاً عن غيرها ، ولا ثبوت المعجز التام على يد محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا وجه دلالة المعجزة على النبوة . وعن الحسن : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قالت العرب : لا يدين لنا به ، فقد ظفر بأهل مكة ، وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل ، وكل من أرادهم بسوء ، فأخذوا يدخلون في الإسلام أفواجاً من غير قتال . ولا شك أن هذا القدر مما يفيد غلبة الظن فقط . والفوج الجماعة الكثيرة كانت تدخل فيه القبيلة بأسرها ، بعدما كانوا يدخلون فيه واحداً واحداً ، واثنين اثنين . وروي أن جابر بن عبد الله بكى ذات يوم فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " دخل الناس في دين الله أفواجاً ، وسيخرجون منه أفواجاً " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.