النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا} (2)

{ ورأيْتَ الناسَ يَدْخُلون في دِيْنِ اللهِ أَفْواجاً } فيهم قولان :

أحدهما : أنهم أهل اليمن ، وروى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدين يمانٍ ، والفقه يمانٍ ، والحكمة يمانية " ، وروي عنه عليه السلام أنه قال : " إني لأجد نَفَس ربكم مِن قِبل اليمن " وفيه تأويلان :

أحدهما : أنه الفرج ، لتتابع إسلامهم أفواجاً .

الثاني : معناه أن الله تعالى نفس الكرب عن نبيه بأهل اليمن ، وهم الأنصار .

القول الثاني : أنهم سائر الأمم الذين دخلوا في الإسلام ، قاله محمد بن كعب .

وقال الحسن : لما فتح الله على رسوله مكة ، قالت العرب بعضهم لبعض : أيها القوم ليس لكم به ولا بالقوم يد ، فجعلوا يدخلون في دين الله أفواجاً ، أمة أمة .

قال الضحاك : والأمة أربعون رجلاً ، وقال ابن عباس : الأفواج " الزمر " ، وقال الكلبي : الأفواج القبائل .

وروى جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنّ الناس دخلوا في دين الله أفواجاً ، وسيخرجون أفواجاً{[3360]} " .

" أفواجاً " جماعات كثيفة ، كأهل مكة ، والطائف ، واليمن ، وهوازن ، وقبائل سائر العرب .

" يدخلون " حال ، على أن " رأيت " بمعنى أبصرت ، أو مفعول ثان على أن رأيت بمعنى علمت{[3361]} .


[3360]:أخرجه أحمد وابن مردويه.
[3361]:ليس من منهج المؤلف أن يعرب الآيات. وقد وجدت هذا الإعراب في الهامش ولم يتضح لي إن كان من كلام المؤلف أو من كلام الناسخ أو القارئ.