صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ} (5)

{ كما أخرجك ربك } أي حال بعض أهل بدر في كراهة قسمة الغنيمة بالسوية ، مثل حال بعضهم في كراهة الخروج للقتال ، مع ما في هذه القسمة والقتال من الخير . فالكاف بمعنى مثل ، خير لمبتدأ محذوف وهو المشبه ، والمذكور هو المشبه به ، ووجه الشبه مطلق الكراهة ، ما يترتب على كل من المكروهين من الخير للمؤمنين .

و قد وقعت في هذه الغزوة كراهتان بحكم الطبيعة البشرية ، أعقبها إذعان وتسليم ورضى من الصحابة رضوان عليهم . الأولى- كراهة شبان أهل بدر قسمة الغنيمة بالسوية ، وكانوا يحبون الاستئثار بها ، لأنهم هم الذين باشروا القتال دون الشيوخ الذين كانوا معهم في الغزوة ، مع أنهم كانوا ردءا لهم . فكان في الأمر بالقسمة بالسوية خير للمؤمنين ، إذ أصلح الله بينهم وردهم إلى حالة الرضا والصفاء والثانية- كراهة بعض أهل بدر قتال قريش ، بعد نجاة العير التي خرجوا لأجلها ، لخروجهم من غير استعداد للقتال لا بعدد ولا بعدد ، فكان في القتال الذي أمروا به عزة الإسلام وخضد شوكة الكفر والطغيان . وفي هذه الآية تنويه بأن الخير فيما قدره الله لا فيما يظنون .